في غياب السكر: هل تموت الخلايا السرطانية ؟

يرى بعض الخبراء أن المرضى الذين يعانون من السرطان أو السكري يجب أن يقللوا بشكل كبير من استهلاك السكر، لكن لا يمكن حذفه تمامًا. وذلك لأن الجسم بحاجة إلى الجلوكوز لعمل الدماغ والوظائف الحيوية الأخرى.

تثير العلاقة بين استهلاك السكر ونمو الخلايا السرطانية جدلاً علمياً كبيراً في الأوساط الطبية. فما هي الحقيقة العلمية وراء هذه العلاقة المعقدة ؟ وهل يمكن حقاً للخلايا السرطانية أن تموت في غياب السكر؟


أنواع السكر وتأثيرها على الخلايا السرطانية

السكريات البسيطة (أحادية السكاريد)

تتميز السكريات البسيطة بتركيبها الجزيئي البسيط، مما يجعلها سهلة الامتصاص في الدم. وهذه السرعة في الامتصاص تؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر في الدم، مما قد يشكل خطراً على الصحة العامة وخاصة للمرضى المصابين بالسرطان. ومن أمثلة السكريات البسيطة : 

  • الجلوكوز: الموجود في العسل والفواكه الناضجة
  • الفركتوز: السكر الطبيعي الموجود في الفواكه والعسل
  • الجالاكتوز: الموجود في منتجات الألبان


السكريات الثنائية

تتكون من جزيئين، مثل السكر الأبيض المكون من الجلوكوز والفركتوز. يقوم الجهاز الهضمي بتحويلها إلى سكريات بسيطة. ويعتبر الفركتوز بشكل خاص مادة إدمانية قوية، حيث تشير الدراسات إلى أنه قد يكون أكثر إدماناً من الكوكايين. ومن أمثلة السكريات الثنائية :

  • السكروز (سكر المائدة): المستخدم في المشروبات والحلويات
  • اللاكتوز: سكر الحليب الموجود في منتجات الألبان
  • المالتوز: الموجود في الحبوب المنبتة والشعير

على سبيل المثال، عندما تضيف ملعقة سكر إلى الشاي، فأنت تستهلك السكروز الذي يتحلل في جسمك إلى جلوكوز وفركتوز.


السكريات المعقدة (عديدة السكاريد)

هي النوع الأكثر أماناً من السكريات، حيث تتطلب وقتاً أطول للهضم والتحويل إلى سكريات بسيطة، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستوى السكر في الدم. وتشمل السكريات المعقدة :

  • الحبوب الكاملة مثل الأرز البني والشوفان والقمح الكامل
  • البقوليات مثل العدس والفاصوليا والحمص
  • الخضروات النشوية مثل البطاطا الحلوة والبطاطس
  • المكسرات والبذور

على سبيل المثال، عندما تتناول طبقاً من الأرز البني، فإن جسمك يستغرق وقتاً أطول في تحويله إلى سكر بسيط، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي ومستقر في مستوى السكر في الدم.


آلية تأثير السكر على الخلايا السرطانية

تعمل الخلايا السرطانية بطريقة مختلفة عن الخلايا الطبيعية في التعامل مع السكر. فبدلاً من حرق السكر، تقوم بتخميره، مما يؤدي إلى :

  • إنتاج حمض اللاكتيك
  • تسهيل انتشار الخلايا السرطانية في الأنسجة المحيطة
  • زيادة سرعة نمو الأورام


الجدل العلمي حول حرمان الخلايا السرطانية من السكر

وجهة النظر المؤيدة للحرمان من السكر

يرى العالم البيولوجي (لويس كانتلي) أن الخلايا السرطانية تعتمد على السكر وتموت في غيابه. هذا الرأي دفع البعض للدعوة إلى اتباع نظام غذائي خالٍ من السكر لمرضى السرطان.


وجهة النظر المعارضة

يؤكد مركز الأورام في ميونيخ (TZM) أن النظام الغذائي (الكيتوني) الخالي من السكر لا يوقف نمو الخلايا السرطانية، بل قد يؤدي إلى :

  • تكيف الخلايا السرطانية مع الوضع الجديد
  • تغير في عملية التمثيل الغذائي للخلايا السرطانية
  • نمو أبطأ ولكن أكثر عدوانية للورم


رأي البروفيسور (يوتا هوبنر)

يؤكد البروفيسور (هوبنر)، عضو مركز الوقاية من السرطان، على عدة نقاط مهمة :

  • يجب ألا ينخفض مستوى السكر في الدم لدى مرضى السرطان عن المستوى الطبيعي
  • يؤدي نقص السكر إلى إنتاج الجسم لهرمونات التوتر
  • يقوم الكبد بإنتاج السكر من مخزون الدهون والبروتينات في حالة نقصه


الخلاصة والتوصيات العلمية

لا توجد أدلة علمية قاطعة تؤكد أن حرمان الجسم من السكر يؤدي إلى موت الخلايا السرطانية. التوصيات الحالية تشمل :

  • اعتماد السكريات المعقدة بكميات معتدلة
  • تجنب السكريات البسيطة والثنائية قدر الإمكان
  • استشارة الطبيب المعالج قبل إجراء أي تغييرات في النظام الغذائي
  • الحفاظ على مستوى متوازن من السكر في الدم


من المهم التذكير أن كل حالة تبقى فريدة من نوعها، وما يناسب شخصاً قد لا يناسب آخر. لذا، تبقى الاستشارة الطبية المتخصصة ضرورية لكل مريض.