بعض الإبتكارات، المستخدمة على نطاق واسع اليوم، لا ترجع فقط إلى براعة مخترعيها. في الواقع، لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في الكثير من الإختراعات. كما هو حال مع نوع المطاط (rubber) الذي اخترعه "تشارلز جوديير".
من هو تشارلز جوديير؟
ولد هذا الكيميائي الأمريكي "تشارلز جوديير" عام 1800، وقد أبدى اهتمامًا مبكرًا بالمطاط، وهو منتج مصنوع من مادة اللاتكس. آمن بشدة بإمكانيات هذا المطاط، لكنه لم يتمكن من ايجاد الوصفة التي تجعله قابلا للاستخدام. حيث في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، كان تصنيع الصمام المطاطي لتجهيز سترات النجاة مشروعا فاشلاً.
تمامًا مثل تطوير أكياس البريد، التي صنعها بإضافة حمض النيتريك إلى المطاط. لكن الشمس كانت تذيب الأكياس !
التحديات التي واجهها جوديير في صناعة المطاط
يمكن تفسير هذه المحاولات الفاشلة، من ناحية، بطبيعة المطاط ذاتها. عندما يكون الجو حارا، فإنه يميل إلى أن يصبح ناعما، في حين أن الطقس البارد يجعله صلبا. ويظهر في المنتوج النهائي عيب آخر : فهو يلتصق بالأصابع. وطالما أن "جوديير" لم يتوصل الى جعل المطاط مستقرا والتخلص من لزوجته، فإنه لن يحقق أي شيء.
لذلك بدأ في البحث. واعتقد، أخيرا، أنه وجد الحل. حيث سمع عن عمل بعض زملائه الكيميائيين الذين، بإضافة الكبريت إلى المطاط، حصلوا على منتج لم يعد يلتصق.
سارع "جوديير" الى تطبيق العملية. لكن حتى مع إضافة القليل من الكبريت فإن النتيجة لم تكن مرضية. ولكن في أحد الأيام، شاءت الأقدار أن يتوصّل ، أخيرا، الى الحلّ عن طريق الصدفة.
اكتشاف الفلكنة : صدفة غير متوقعة
في إحدى الأمسيات، ترك المطاط بالقرب من الموقد المشتعل. فشبت النار في المطاط. عندما اكتشف الامر، غضب بشدة و ألقى قطعة المطاط من النافذة. سقطت هذه الاخيرة في الثلج (حدثت القصة في فصل الشتاء) فبرد المطاط بسرعة.
وعندما ذهب لالتقاطه في اليوم التالي، تفاجأ "جوديير" بمدى مرونته. لقد اخترع، دون أن يدرك ذلك، عملية كميائية جديدة : الفلكنة. تتجلى هذه الأخيرة في تسخين خليط من المطاط والكبريت، مما يجعل من الممكن الحصول على مادة مقاومة غير حساسة للتغيرات في درجات الحرارة.
وهذه هي التقنية المستخدمة اليوم في صناعة المنتجات المطاطية، وخاصة الإطارات.