تسببت أوبئة الطاعون التي أصابت سكان أوروبا، في فترات منتظمة، في ظل النظام القديم في وقوع العديد من الضحايا. وهكذا، في عام 1348، تسبب وباء "الموت الأسود" الرهيب، كما أطلق عليه المعاصرون، في وفاة حوالي 25 مليون شخص في أوروبا.
كيف كان الطب في العصور الوسطى يواجه الطاعون؟
إذا كان هذا المرض مميتًا إلى هذا الحد، فذلك لأن أطباء ذلك العصر لم يعرفوا كيفية علاجه. واكتفوا بإشعال حرائق كبيرة في مفارق الطرق، وتنقية الجو، وعزل بيوت المرضى حتى لو كانت مأهولة بالسكان.
أما الأغنياء فكان يتركون المدن الموبوءة، ويلجأون إلى الريف حيث كانت لهم مساكن في كثير من الأحيان.
من هم أطباء الطاعون ولماذا سُميوا "الغربان"؟
في الواقع، كان الطب في ذلك الوقت عاجزًا أمام الطاعون. ولكن لمساعدة المرضى، كان يتم استدعاء الأطباء الذين كان يُطلق عليهم بالعامية "الغربان" أو "الأطباء المناقر".
كان سبب إطلاق عليهم هذه الألقاب هو ملابسهم. لقد كانوا، في الواقع، يرتدون قناعًا على شكل منقار طائر طويل. وفي ظل الجهل بالأصل الحقيقي للمرض، كان يُعتقد أن الطاعون ينتقل عن طريق الاتصال بالهواء.
لذلك تم تزويد القناع بفتحتين صغيرتين فقط، مما يسمح بدخول كمية صغيرة فقط من الهواء. كما أنه كان مليئا بالعطور والأعشاب العطرية التي من المفترض أن تمنع انتشار الأشياء المتطايرة في الجو.
بالإضافة إلى هذا القناع، تم تصميم ملابس أطباء الطاعون بحيث تمنع أي اتصال لأي جزء من الجسم مع الهواء المحيط. ولذلك ارتدوا قبعة كبيرة، ونوعًا من النظارات الواقية لحماية أعينهم، ومعطفًا طويلًا، وأحذية وقفازات.
وكان القميص نفسه مثبتًا على البنطلون، حتى لا يترك أي فجوات مكشوفة. وهؤلاء "الغربان" كان مجهزين أيضًا بعصا تسمح لها بفحص المرضى دون الحاجة إلى لمسهم.
غالبًا ما كان هؤلاء الأطباء من الدرجة الثانية، لأن هذا النشاط خطير وكان يموت الكثير منهم بسبب الطاعون. ومع ذلك، إذا بقوا على قيد الحياة، فهذا يمنحهم فرصًا وظيفية مهمة. وكانت، بالفعل، تمنحهم بعض المدن امتيازات ومكافآت كبيرة.