الخلايا العصبية عبارة عن بنية تحتية داخلية مخصصة لتداول المعلومات بين جميع مناطق الجسم. بالنسبة لبعض الأفراد، يكون تبادل المعلومات بدون مشاكل. وبالنسبة للآخرين، هناك عقبات معينة، ترتبط بشكل خاص بالأمراض. فكيف تتأثر الخلايا العصبية بالفصام ؟
الفصام هو مرض نفسي يمكن أن يختلف من شخص لآخر. يمكن أن تختلف شدة المرض أيضًا اعتمادًا على المرضى. قد يكون لدى الأشخاص المصابين بالفصام هلوسات. يمكن أيضًا أن تتأثر السلوكيات والعواطف واللغة وبعض القدرات الإدراكية بالمرض. هناك عدة عوامل تتسبب في ظهور الفصام. ويبدو أن هناك خلفية وراثية لهذا المرض. ومع ذلك، العامل الوراثي أو الجيني ليس هو الشرط الوحيد لحدوث المرض. العوامل النفسية والاجتماعية والبيئية هي أيضا محفزات لظهور الفصام. أدمغة الأشخاص المصابين بهذا المرض تعمل بشكل مختلف. لهذا السبب حاول العلماء فهم كيف تتأثر الخلايا العصبية بالفصام.
ما هي الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية ؟
هناك عدة أنواع من الخلايا العصبية وفقا للمختصين. تتمتع كل خلية عصبية بدور محدد للغاية. ولهذا الغرض لدينا :
العصبونات ثنائية القطب أو الخلايا العصبية ثنائية القطب : تقع في العقدة الدهليزية وبالتحديد في الأذن الداخلية، وتمتد الخلايا العصبية ثنائية القطب إلى الأعصاب الدهليزية باتجاه جذع الدماغ. وهي تقع أيضًا في العقد الشوكية وفي شبكية العين. ولذلك فهي تضمن تلقي المعلومات.
العصبونات الواردة أو الألياف العصبية الواردة : أو العصبونات الحسية، تقع بشكل رئيسي في العقدة الحسية (Sensory ganglion). وتتمثل مهمتها في إدراك المحفزات والمعلومات الأخرى مثل الحرارة. تقوم الخلايا العصبية الحسية أيضًا بنقل الرسائل إلى المركز العصبي. كما أنها تنشئ اتصالات بين المشابك العصبية.
الخلايا العصبية المرآتية : تم اكتشاف الخلايا العصبية المرآتية عند القرود في عام 1990. وقد تم رصدها في مقطع F5c من القشرة الأمام حركية للدماغ. وترتبط هذه الأخيرة بحركات اليد والفم. لدى البشر، تقع في منطقة بروكا أو باحة بروكا (بالإنجليزية : Broca's area). تلعب الخلايا العصبية المرآتية دورًا أساسيًا في التعاطف والتعلم عن طريق التقليد وفي التفاعلات الاجتماعية.
خلايا الأوركسين العصبية : تقع في منطقة ما تحت المهاد الجانبية، وتلعب خلايا الأوركسين العصبية دورًا في اليقظة وتقلل أو حتى تمنع نوم حركة العين السريعة (اختصارًا REM). ولهذا السبب يكون الإنسان أكثر نشاطاً أثناء النهار منه في الليل. إذا وقع فيها خلل، فإنها يمكن أن تسبب الشعور بالنعاس أو النوم عدة مرات خلال اليوم. وتوصف هذه الحالة طبيا بالسَّبَخ أو التغفيق (بالإنجليزية : narcolepsy أو hypnolepsy).
الخلايا العصبية الهرمية : وهي أكثر أهمية في التشعبات. وهذا ما يسمح لها بإدارة كمية كافية من المعلومات ومن ثم نقلها. وأخيرًا، فهي مسؤولة أيضًا عن التحكم في الإيماءات أو الحركات من خلال الرسالة المرسلة.
الخلايا العصبية الحركية : وظيفتها التحكم في حركات العضلات بفضل الاتصال بين هذه الخلايا العصبية وعضلات معينة. ولذلك فإن هذه الخلايا العصبية هي التي تدير جميع حركات الجسم.
كيف تتأثر الخلايا العصبية بالفصام ؟
يصاحب الفصام أحيانًا أوهام ومشاكل في الذاكرة وهلوسة. يعتقد بعض مرضى الفصام أنهم يتعرضون للاضطهاد أو سوء المعاملة من قبل من يحيطون بهم. يمكن أن يؤدي هذا إلى سلوكات غير منطقية أوهذيان. وتجدر الإشارة إلى أن المرض له وجوه متعددة وأن ليس كل الأشخاص المصابين تظهر عليهم جميع هذه الأعراض بشكل منهجي. ويعود سبب هذا المرض النفسي، من بين أسباب أخرى، إلى خلل في الخلايا العصبية التي تتحكم في الذاكرة وتنظيم الفكر والسلوك. ونظراً لتنوع الأعراض، يرى العلماء أن المرض يؤثر بدرجة أكبر أو أقل على جميع أنواع الخلايا العصبية الموجودة في الدماغ تقريباً.
كيف يدمر الفصام الخلايا العصبية ؟
تستهدف الأبحاث الطبية الحالية "الحُصين"، وهي منطقة في الدماغ تحتوي على الخلايا العصبية التي تدير الانتباه والسلوك والذاكرة قصيرة المدى وما إلى ذلك. تشير الأبحاث إلى خلل في تزامن نشاط الخلايا العصبية مما قد يفسر ظهور المرض. وبعبارة أخرى، لم تعد الاتصالات بين الخلايا العصبية تتم على النحو الأمثل. يبدو أن خلل في "الخلايا العصبية بارفالبومين" هو أصل هذا المشكل ويمكن أن يفسر، جزئيًا، الأعراض المتعددة والمتنوعة التي نلحظها لدى الأشخاص المصابين بالمرض. كيفما كان الحال، فإن هذا يبشر بالخير. فإذا حدد الباحثون الخلايا العصبية المعنية بدقة، فقد يتمكنون من إيجاد علاج لهذا المرض في السنوات القادمة.
أبحاث جديدة تكشف عن مكان بداية الفصام في الدماغ
ما يجعل تشخيص الفصام صعبًا هو تنوع الأعراض وحقيقة أن المرض يظهر بشكل مختلف اعتمادًا على المريض. بالإضافة إلى ذلك، ليس من السهل دائمًا معرفة العلاجات الأكثر ملاءمةً. وباستخدام تكنولوجيا تصوير الدماغ، يعتقد العلماء أنه سيكون من الأسهل تحديد المرضى الذين يحتاجون إلى علاجات تركز على اللغة والتواصل.
فحوصات الدماغ سريعة وغير مكلفة نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تجعل من الممكن جمع المزيد من المعلومات حول المرض وبالتالي تكييف العلاجات.
وفي هذه الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون عملية تحليلية جديدة. وهي "رسم خرائط بؤرة المرض" التي سمحت بالبحث عن أوجه التشابه والاختلاف، أثناء عمليات الفحص، في أدمغة 1124 شخصًا مصابًا بالفصام و 1046 شخصًا سليماََ.
وبفضل هذا البحث، تمكنوا من تحديد التشوهات في بنيتين محددتين في الدماغ، منطقة بروكا والقشرة الجزيرية (بالإنجليزية: insular cortex). ومن المعلوم، أن هاتان المنطقتان تلعبان دورًا في اللغة والمعالجة العاطفية.
ومن ناحية أخرى، نلاحظ أن مرض الفصام يمكن أن يبدأ في أجزاء مختلفة من الدماغ، ويختلف ذلك حسب المريض.
وهذا يشير بالتالي إلى أن كل مريض لديه منطقة بداية فريدة للمرض في الدماغ، وهو ما قد يفسر الاختلافات في الأعراض. ومع ذلك، هناك عملية مشتركة بين جميع المرضى تؤدي إلى تغييرات واسعة ودقيقة في بنية الدماغ.
وبالتالي فإن هذا الإكتشاف يوفر دليلا هاما حول ما إذا كان الفصام مرضا واحدا أو مرضا متعددا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد في فهم كيفية ظهور المرض وتطوره بشكل أفضل من أجل إيجاد طرق لإحتواءه، أو حتى علاجه.