قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948، تم اقتراح عدة بدائل لتوفير ملجأ لليهود الباحثين عن مكان للعيش فيه بسلام. وتبين أن هذه البدائل لم تكن تلبي أفق انتظار اليهود. في هذه المقالة، سنستكشف هذه البدائل بالتفصيل، من الأرجنتين إلى مدغشقر، ومن أوغندا إلى سيبيريا وخارجها.
أصول فكرة "الأرض الموعودة"
بدأت قصة إيجاد وطن لليهود بفكرة "الأرض الموعودة". بعد تدمير الهيكل الثاني في القدس على يد الرومان عام 70 م، انتشر اليهود في جميع أنحاء العالم. لقد بدأوا يأملون في أن يأتي المسيح المُخلّص ليعيدهم إلى "الأرض الموعودة". ترسخت هذه الفكرة في الفكر اليهودي، واستمر الأمل في العودة إلى الوطن اليهودي لعدة قرون.
محاولة الإستوطان في أمريكا الجنوبية - الأرجنتين
إحدى المحاولات الأولى لإنشاء مستعمرة يهودية خارج فلسطين جرت في الأرجنتين. في عام 1658، حاول اثنان من اليهود السفارديم (اليهود الذين تعود أصولهم الأولى ليهود أيبيريا "إسبانيا والبرتغال" الذين طردوا منها في القرن الخامس عشر، وتفرقوا في شمال أفريقيا وآسيا الصغرى والشام)، "ديفيد كوهين ناسي" و"باولو جاكومو بينتو"، إنشاء مستعمرة يهودية في أمريكا الجنوبية، الأرجنتين. وبدعم هولندي، أنشأوا مستعمرة، لكن حلمهم سرعان ما تحطم بسبب هجمات السكان المحليين. أثبت المشروع في الأرجنتين أنه صعب وغير واعد.
الصهيونية في أوروبا
في القرن التاسع عشر، بدأت معاداة السامية في أوروبا تتصاعد. رد اليهود الأوروبيون بإنشاء الحركة الصهيونية، التي تهدف إلى إنشاء دولة قومية لليهود. وكانت فلسطين خيارهم الأول بسبب روابطها التاريخية مع الشعب اليهودي. والمشكلة، أن فلسطين كان فيها سكانها، الأمر الذي أثار مخاوف وتم النظر في بدائل ثانية.
خطط بديلة لإنشاء وطن قومي لليهود
بين عامي 1890 و1948، تم اقتراح عدة خطط بديلة لتوفير ملجأ لليهود دون الاضطرار إلى التنافس مع السكان المحليين في فلسطين. وفيما يلي نظرة عامة على هذه الخطط :
1- المستعمرات الزراعية في الأرجنتين (1889) : في عام 1889، سعى المصرفي اليهودي، "موريس دي هيرش"، إلى إنشاء مستعمرات زراعية في الأرجنتين لليهود القادمين من روسيا. إلا أن الظروف المعيشية كانت صعبة، وكان المستوطنون يخضعون لقيود شديدة. فشل المشروع، مما أدى إلى خيبة أمل العديد من اليهود.
2- خطة أوغندا (1903) : في عام 1903، تم اقتراح إنشاء دولة يهودية في أوغندا بإفريقيا. وقد نوقشت هذه الفكرة على نطاق واسع في المؤتمر السادس للمنظمة الصهيونية العالمية. ومع ذلك، عارض العديد من الصهاينة هذه الفكرة، معتقدين أن فلسطين هي الموقع المثالي للدولة اليهودية. فتم رفض خيار أوغندا.
3- التجربة السيبيرية (1934): في ثلاثينيات القرن العشرين، شجع الاتحاد السوفييتي اليهود على الاستيطان في سيبيريا، على الحدود مع الصين. وكان الهدف هو تطوير هذه المنطقة. في غضون عشر سنوات، استقر ما يقرب من 40000 يهودي في منطقة الحكم الذاتي اليهودي في بيروبيدجان. ومع ذلك، عاد العديد من المستوطنين بسبب الظروف المعيشية القاسية وتدخل الحكومة السوفيتية في ممارسة شعائرهم اليهودية.
4- مشروع اليابان (1938) : في عام 1931، غزا اليابانيون "منشوريا" في شمال شرق الصين. أعجب بعض ضباط الجيش الإمبراطوري الياباني بالجالية اليهودية في "هاربين"، وعرضوا الترحيب باليهود لتنشيط اقتصاد المنطقة. إلا أن هذا المشروع المعروف بخطة "فوجو" فشل مع اندلاع الحرب العالمية الثانية.
5- خطة مدغشقر (1940): في عام 1940، فكر النازيون في إرسال اليهود إلى المنفى في مدغشقر، التي كانت تحت السيطرة الفرنسية في ذلك الوقت. لكن تم التخلي عن هذا المشروع بسبب مشاكل لوجستية ومالية. التكلفة العالية للترحيل جعلت في النهاية تنفيذ هذه الخطة مستحيلاً.
قيام دولة إسرائيل
بعد الحرب العالمية الثانية وفظائع المحرقة، شعرت الدول الأوروبية بالحاجة إلى توفير ملجأ للناجين من المحرقة. أدركت الأمم المتحدة ضرورة إنشاء دولة يهودية في فلسطين. في 14 مايو 1948، أعلن "دافيد بن غوريون" تأسيس دولة إسرائيل، مما حقق أحد أكبر أحلام الشعب اليهودي.
أثار قيام دولة إسرائيل صراعًا إقليميًا بين اليهود والعرب الفلسطينيين، حيث عارض العرب تقسيم فلسطين. واشتد هذا الصراع مع مرور الوقت وتطور إلى صراع طويل الأمد لا يزال قائما حتى اليوم.