يمكن استخدام غاز الضحك، وهو مخدر خطير، في تصنيع جيل جديد من مضادات الاكتئاب. وفقا لدراسة جديدة من جامعة "تورز"، فإن نصف المشاركين الذين أخذوا جرعة من غاز الضحك (أكسيد النيتروز) تحت إشراف الباحثين شعروا بالارتياح الفوري من أعراض الاكتئاب. شعور استمر لعدة أسابيع.
غاز الضحك لعلاج الاكتئاب : هل الأمر ممكن فعلا ؟ هذا هو بالضبط السؤال الذي طرحه الباحثون من جامعة "Tours" و "Inserm" على أنفسهم. بالنسبة لهم، الجواب هو نعم : غاز الضحك "أكسيد النيتروز"، وهو مخدر على شكل غاز يجعل مستنشقه يشعر بالبهجة، يمكن أن يكون له تأثير "ثوري" في علاج أعراض الاكتئاب.
تأثير فوري أسرع من مضادات الاكتئاب
الاكتئاب هو مرض عقلي يصعب تشخيصه، ويتم علاجه عن طريق وصف مضادات الاكتئاب، والتي تستغرق عدة أسابيع إلى شهر حتى يظهر مفعولها... عندما تكون فعّالة. لأنه يقدّر أن 30% من المرضى لديهم مقاومة للأدوية. تتجه المزيد والمزيد من الدراسات التجريبية إلى المخدرات المثيرة للجدل، وخاصة الفطر، لمحاولة إيجاد علاجات جديدة.
هذه المرة، اهتم علماء من جامعة "Tours" بهذا الغاز "المسبب للضحك"، الذي شهد زيادة مأساوية في استخدامه في السنوات الأخيرة، خاصة من قبل الشباب، الذين يمكنهم الحصول عليه بسهولة. تناولت دراستهم، التي نُشرت في مجلة (Molecular Psychiatry)، التأثيرات على الدماغ لخليط يتكون نصفه من الأكسجين وأكسيد النيتروز (وبالتالي أقل تركيزًا بكثير من خراطيش غاز الضحك التي تعتبر خطيرة) في سياق بروتوكول علاج الاكتئاب.
في الواقع، تم استخدام أكسيد النيتروز (N2O) منذ فترة طويلة في الطب لخصائصه المسكنة، والتي خفّفت ألآم ألآف المرضى أثناء العمليات الجراحية، على سبيل المثال. هذه المرة، هذه التجربة أثبتت أن غاز الضحك له تأثير مضاد للاكتئاب.
لدى نصف المتطوعات الثلاثين، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و50 عامًا، كان التعرض للخليط لمدة ساعة واحدة كافيا في تخفيف أعراض الاكتئاب لديهن بسرعة، حيث لوحظ "غياب شبه كامل للأعراض"، وقد استمر هذا التأثير خلال الأسابيع التي تلت التجرية. حتى أن التأثيرات استمرت عدة أشهر لدى بعضهن.
"إخماد" فرط نشاط الدماغ
تم تأكيد هذه النتائج من خلال فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي التي تم إجراؤها قبل وبعد التجربة. "لوحظ انفصال كبير جدًا في شبكة الدماغ المرتبطة بالاكتئاب، بحيث تسبب الخليط في بضع دقائق في نوع من "إخماد" نوع معين من فرط نشاط الدماغ، وبالتالي التخفيف السريع من الاكتئاب".
هذا العلاج التجريبي، الذي لا يزال يتعين اختباره على عدد أكبر من المشاركين لإقناع المجتمع العلمي، اعتبر "مرضٍ بشكل عام" من ناحية تَحمُّل الدواء، على الرغم من الآثار الجانبية مثل الغثيان والقيء. ووفقا للدراسة، يبدو أن الآثار الجانبية الخطيرة لأكسيد النيتروز تهم "فقط المدمنين" للغاز النقي (100٪ N2O) في سياق الاستخدام الترفيهي غير الخاضع للرقابة. ويأمل الباحثون أن يتم دمج تقنيتهم في العلاج الروتيني لهذا المرض "في غضون أربع إلى خمس سنوات". ومع ذلك، في الوقت نفسه، يجب الاستمرار في التحذير من استهلاك هذا الغاز الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.