التستوستيرون هو هرمون مهم للتوازن الهرموني لدى الرجال، وانخفاضه في الجسم يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على وظائف الأعضاء. ولحسن الحظ، هناك طرق بسيطة للحفاظ على مستويات جيدة من هرمون التستوستيرون.
التستوستيرون، الهرمون الذكري الضروري لصحة جيدة
التستوستيرون هو أحد الأندروجينات، الهرمونات المسؤولة عن الخصائص الجنسية الذكرية. إلا أنه ليس غائبا تماما عن فسيولوجيا الأنثى، ولكن بمستويات أقل.
ينخفض إنتاج هرمون التستوستيرون ابتداءا من سن الثلاثين
عند الرجال، يتم إنتاج هرمون التستوستيرون بشكل رئيسي في الخصيتين. كما يتم إفراز كمية صغيرة من الغدة الكظرية، وهي غدة تقع فوق الكليتين. ويزداد تركيزه في الجسم منذ سن البلوغ، ويصل إلى ذروته في مرحلة الشباب. بعد سن الأربعين، ينخفض مستوى هرمون التستوستيرون الإجمالي بنسبة 0.4% سنويًا بينما ينخفض مستوى هرمون التستوستيرون الحر (بالإنجليزية: Free Testosterone) – وهو الشكل الذي تلتقطه الخلايا – بنسبة 1.3%.
نتحدث عن قصور الغدد التناسلية في الحالة التي يكون فيها مستوى هرمون التستوستيرون منخفضًا جدًا في الجسم. هذه الحالة ليست نادرة : ما يصل إلى 40٪ تقريبًا من الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا يتأثرون بها.
عواقب نقص هرمون التستوستيرون لدى الرجال
إن نقص هرمون التستوستيرون لدى الرجال له تداعيات كبيرة على الصحة والرفاهية العامة. إنه يضعف الوظيفة الجنسية ويمكن أن يظهر على شكل مشاكل في الانتصاب وانخفاض الرغبة الجنسية ومشاكل في الخصوبة.
يمكن أن يكون لهذا العجز أيضًا تأثير على الجسم بأكمله. في الواقع، ربطت بعض الدراسات انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون بانخفاض القدرات الإدراكية أو الاكتئاب أو حتى فقدان كتلة العضلات.
على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي نقص هرمون التستوستيرون إلى تعزيز ظهور الأمراض المزمنة التي تؤثر على القلب والأوعية الدموية، أو متلازمة الأيض أو هشاشة العظام.
لمنع ظهور هذه المشاكل الصحية، من الضروري تنشيط العوامل التي تسمح بزيادة هرمون التستوستيرون بشكل طبيعي في الجسم.
الوزن الزائد أو البدانة تؤثر على مستويات هرمون التستوستيرون
أول شيء يجب فعله للحفاظ على مستوى جيد من هرمون التستوستيرون هو تجنب زيادة الوزن. على سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أن المراهقين الذين يعانون من السمنة المفرطة انخفضت مستويات هرمون التستوستيرون لديهم بنسبة 40 إلى 50٪ مقارنة بأقرانهم الذين لا يعانون من زيادة في الوزن.
تعتمد مستويات هرمون التستوستيرون على تكوين جسم الرجل
زيادة الوزن هي السبب في انخفاض تركيز هرمون التستوستيرون في الجسم، والتي تحدث جنبا إلى جنب مع زيادة مستوى هرمون آخر، استراديول E2. وهو هرمون الاستروجين، وهي فئة من الهرمونات المتوفرة في جسم الأنثى. عند الرجال، يتشكل بشكل رئيسي من هرمون التستوستيرون. ويتم هذا التحول بواسطة إنزيم أروماتاز (بالإنجليزية: Aromatase)، الذي تنتجه الأنسجة الدهنية. وبالتالي، كلما زاد محتوى الدهون في الجسم، كلما كان تحويل هرمون التستوستيرون إلى استراديول E2 أكثر نشاطًا.
الاستراديول يثبط الآلية التي تنظم إنتاج هرمون التستوستيرون
الزيادة في مستويات استراديول E2 لها أيضًا عواقب سلبية على إنتاج هرمون التستوستيرون. عندما تكتشف منطقة ما تحت المهاد - وهي غدة تقع في قاعدة الدماغ - نقص هرمون التستوستيرون في الجسم، فإنها تنتج هرمون GnRH. وهذا يحفز عمل غدة أخرى، وهي الغدة النخامية، والتي بدورها تنتج هرمونين، FSH وLH. هذا الأخير (LH) سوف يؤدي إلى إنتاج هرمون التستوستيرون في الخصيتين، عن طريق تنشيط خلايا لايديغ البينية (بالإنجليزية: Leydig-cells) المخصصة لهذه الوظيفة.
يتم تنظيم هذا النظام بإحكام. عند البشر، يؤدي وجود تركيز مرتفع من الاستراديول في الدم إلى تثبيط هذه الآلية. يؤثر الهرمون على منطقة ما تحت المهاد، مما يقلل من إنتاج GnRH، وعلى الغدة النخامية، مما يخفف من استجابتها لهذه الإشارة.
يعتبر هرمون الاستروجين هو المكبح الرئيسي لمحور الغدة النخامية / تحت المهاد، وليس الأندروجينات نفسها كما كان يُعتقد سابقًا. وبالتالي فإن وجود مستوى عالٍ من هرمون الاستروجين في الجسم سيؤدي إلى انخفاض إنتاج هرمون التستوستيرون.
التحكم في الوزن لتحسين مستويات هرمون التستوستيرون
قد نتساءل ما إذا كان فقدان الوزن سيحسن تركيز هرمون التستوستيرون في الجسم. قام تحليل لأدبيات العلمية بفحص البيانات المتعلقة بهذا السؤال، والتي تم جمعها من 24 دراسة. وأظهرت أن التخسيس، الذي يتم تحقيقه من خلال اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، يحسن حالة هرمون التستوستيرون لدى الرجال. يؤدي فقدان الوزن بحوالي 10% إلى زيادة مستوى هرمون التستوستيرون في الدم بحوالي 3 نانومول/لتر. ويرتفع بمقدار 9 نانومول/لتر تقريبًا عندما يصل فقدان الوزن إلى 30%. وفي الوقت نفسه، تنخفض مستويات الاستراديول ويزداد إنتاج هرمونات الغدة النخامية.
وتتجلى فوائد التخسيس هذه بشكل أكبر عندما يتم دمجها مع تناول دواء يمنع عمل الأروماتاز، كما ظهر مؤخرًا في تجربة سريرية أجريت على 23 رجلاً يعانون من السمنة المفرطة.
البقاء نشطًا بدنيًا يحمي من قصور الغدد التناسلية
نمط الحياة المستقر هو عامل مساهم في زيادة الوزن وانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون. يتمتع الرجال النشطون بدنيًا بمستويات هرمون تستوستيرون أعلى من الرجال الذين لا يمارسون الرياضة، مما يؤثر بشكل إيجابي على جودة السائل المنوي لديهم.
أجريت دراسة على 279 أمريكيًا، ربعهم تقريبًا لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون. وأظهرت أن المشاركين الذين يتحركون أقل من 4000 خطوة يوميًا هم أكثر عرضة للتأثر بقصور الغدد التناسلية (بالإنجليزية: Hypogonadism) من أولئك الذين تجاوزوا هذا الحد. يزداد تركيز هرمون التستوستيرون بمقدار 7 نانوغرام/ديسيلتر لكل 1000 خطوة إضافية.
العديد من العوامل تؤثر على الاستجابة الهرمونية لممارسة الرياضة
تؤثر العديد من العوامل على كيفية استجابة الجسم للتمرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالهرمونات مثل هرمون التستوستيرون. وجدت دراسة جمعت بين العديد من الأبحاث أن عوامل مثل العمر ونوع التمرين ومستوى اللياقة البدنية والفواصل بين التمارين الرياضية تلعب دورًا مهمًا في هذه الاستجابة.
عندما يتعلق الأمر بتمارين تقوية العضلات، يبدو أن عدد العضلات النشطة أثناء التمرين أمر بالغ الأهمية لزيادة مستويات هرمون التستوستيرون بعد المجهود البدني. بمعنى آخر، إذا كنت تستخدم القليل من العضلات، حتى أثناء القيام بتمارين المقاومة عالية الشدة، فإن مستويات هرمون التستوستيرون لن تتجاوز المستويات المتواجدة أثناء الراحة. أظهرت الدراسات أيضًا أن التمارين بالأوزان الحرة (مثل الدمبل) تنشط العضلات أكثر من الاجهزة، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أنها تستخدم عضلات أكثر من التمارين المماثلة التي يتم إجراؤها على الآلات.
ومع ذلك، سواء كان الأمر يتعلق بتمارين القوة أو التحمل، فإن الاختلاف في مستويات هرمون التستوستيرون يظل عابرًا. وبالتالي فإن النشاط البدني المنتظم فقط هو الذي يمكن أن يكون له تأثير مع مرور الوقت.
النظام الغذائي الغني بالمغذيات يزيد من إنتاج هرمون التستوستيرون
النظام الغذائي الجيد ضروري أيضًا لإنتاج هرمون التستوستيرون. لذلك من المهم استهلاك الكربوهيدرات ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض والبيض الكامل وأحماض أوميجا 3 الدهنية مع الحد من تناول أوميجا 6 والفواكه والخضروات والأسماك وربما القليل من اللحوم. إن تناول بعض المغذيات الدقيقة أمر حاسم للغاية.
تحسن مكملات فيتامين (د) من مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال الذين يعانون من السمنة المفرطة
يحتوي الجهاز التناسلي الذكري على مستقبلات لفيتامين (د)، مما يشير إلى أن له تأثيرًا هناك. كما أن وجودها داخل الحيوانات المنوية يعد ضمانًا لجودة السائل المنوي.
في الواقع، تكون هذه المستقبلات أكثر عددًا لدى الرجال ذوي الخصوبة الجيدة مقارنةً بأولئك الذين يعانون من مشااكل في الإنجاب.
يمكن لمكملات فيتامين (د) أن تحسن إنتاج هرمون التستوستيرون، كما أشارت الى ذلك نتائج تجربة سريرية أجريت على 54 رجلاً يعانون من زيادة الوزن ويشاركون في برنامج لإنقاص الوزن. تلقى جزء من المجموعة 3300 وحدة دولية من فيتامين د3 يوميًا لمدة عام، بينما تلقى الجزء الآخر علاجًا وهميًا. في بداية الدراسة، أظهر هؤلاء الرجال نقصًا في فيتامين (د)، حيث كان مستواه في الدم أقل من 50 نانومول / لتر. كان تركيز هرمون التستوستيرون منخفضًا أيضًا، عند الحد الأدنى للقيم المرجعية. في المجموعة التي تلقت مكملات، تحسنت مستويات هرمون التستوستيرون من 10.7 إلى 13.4 نانومول/لتر. لم يكن هناك أي تغيير واضح في المجموعة التي تناولت الدواء الوهمي.
الزنك يساعد على إنتاج هرمون التستوستيرون داخل الخصيتين
نقص الزنك يعيق إنتاج هرمون التستوستيرون. هذا العنصر النزر قادر على مواجهة الأكسدة والالتهابات التي تعطل عمل الخلايا المنتجة للهرمونات. يشارك الزنك أيضًا في العديد من التفاعلات الأنزيمية داخل الجسم، كعامل مساعد. ويشارك أحد هذه الإنزيمات بشكل مباشر في تكوين هرمون التستوستيرون. هذا الأنزيم هو P450c17، الذي يسمح بتحويل DHEA إلى هرمون التستوستيرون.
فوائد المكملات الغذائية في حالة نقص الزنك
سلط باحثون أمريكيون الضوء على تأثير الزنك على مستويات هرمون التستوستيرون. وكجزء من دراستهم، تم إخضاع 4 شبان لتقييد غذائي من الزنك، مما أدى إلى انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لديهم بعد 20 أسبوعًا. تم إجراء مرحلة أخرى من المشروع البحثي على الرجال المسنين الذين يعانون من نقص الزنك. ساعدت المكملات الغذائية التي تحتوي على هذا العنصر الغذائي لمدة 6 أشهر على تحسين مستوى هرمون التستوستيرون لديهم، والذي ارتفع من 8.3 إلى 16.0 نانومول/لتر.
المصادر الغذائية الرئيسية للزنك هي المحار واللحوم الحمراء والدواجن والفاصوليا أو المكسرات. عندما يكون التزود به كافيا، فإن المكملات ليس لها أي تأثير على مستويات هرمون التستوستيرون.
تناول المغنيسيوم وفيتامين ب6 للرفع من فوائد الزنك
لدى لاعبي كرة القدم الذين يخضعون لفترة من النشاط البدني المكثف، يبدو أن الجمع بين مكملات الزنك والمغنيسيوم وفيتامين ب 6 كان له أثر على زيادة مستويات هرمون التستوستيرون وقوة العضلات. ومع ذلك، فإن مكملات المغنيسيوم وحدها قادرة أيضًا على زيادة مستويات هرمون التستوستيرون لدى الشباب، مع تحسن ملحوظ لدى الرياضيين مقارنة بالأشخاص الغير الرياضيين.
فيتامين K ينشيط إنزيم رئيسي في تخليق هرمون التستوستيرون
وأخيرًا، من المهم تناول كمية جيدة من فيتامين K للحد من خطر الإصابة بقصور الغدد التناسلية. وهذا الفيتامين ضروري في الواقع لتنشيط إنزيم يشارك في إنتاج هرمون التستوستيرون، يُسمى "أحادي أوكسيجيناز الكوليسترول" أو "ديسمولاز الكوليسترول" ويرتبط بجين Cyp11a. يضمن هذا الإنزيم إنتاج "البريجنينولون" من الكوليسترول، والذي يؤدي بعد ذلك إلى إنتاج جميع الهرمونات الجنسية.
أظهرت دراسة أجريت على الحيوانات أن اتباع نظام غذائي يفتقر إلى فيتامين K يسبب انخفاضًا في كمية هرمون التستوستيرون في الدم وفي الخصيتين.
قلة النوم تؤثر على إنتاج هرمون التستوستيرون
هناك طريقة أخرى لمكافحة انخفاض إنتاج هرمون التستوستيرون وهي ضمان جودة النوم. في الواقع، يتم إنتاج هذا الهرمون بشكل رئيسي عندما ننام. ويتأثر بشكل طفيف فقط بإيقاع الساعة البيولوجية، الذي ينظم العديد من الظواهر داخل الجسم على مدار 24 ساعة. وبالتالي ينشط إفراز هرمون التستوستيرون خلال فترات الراحة أثناء النهار أو عند النوم أثناء الليل.
مستويات هرمون التستوستيرون منخفضة لدى الرجال الذين لا ينامون جيدا
سلطت الدراسات الضوء على وجود صلة بين مدة النوم ومستويات هرمون التستوستيرون. تمت هذه الملاحظات عند كل من الرجال المسنين والطلاب الشباب.
ولدى الرجال الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم، كلما زادت شدة هذا الاضطراب، انخفض تركيز هرمون التستوستيرون في جسمهم.
عواقب السهر على هرمون التستوستيرون
تم إجراء بعض التجارب لملاحظة العواقب المباشرة لتغير نوعية النوم على التستوستيرون. قضاء ليلة بنوم مضطررب، تتخلله صحوات، تعطل ذروة إفراز الهرمون، دون تغيير تركيزه في الدم.
ومن ناحية أخرى، يؤدي السهر (ليلة بلا نوم) إلى انخفاض هرمون التستوستيرون وبالتالي إلى انخفاض "ردود الفعل العدوانية" لدى الرجال. أظهرت دراسة أجريت على 10 شبان أن 8 ليالٍ من 5 ساعات من النوم تقلل من إنتاج هرمون التستوستيرون بنسبة تصل إلى 15%.
تجنب المواد التي تعيق إنتاج هرمون التستوستيرون
بعض المواد يمكن أن تؤثر على إنتاج هرمون التستوستيرون. على سبيل المثال، الكحول يعطل عمل خلايا خلايا لايديغ البينية (بالإنجليزية : Leydig-cells) وإفراز الهرمونات في منطقة ما تحت المهاد والغدة النخامية.
يرتبط تناول المنشطات الابتنائية الأندروجينية من قبل الرياضيين المحترفين أو الهواة بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، والذي يمكن أن يستمر لعدة أسابيع بعد التوقف عن استهلاكها.
الرجال الذين يتناولون أدوية مثل مسكنات الألم من عائلة أشباه الأفيونيات مثل "ترامادول" أو"أوكسيكودون" لديهم خطر متزايد بنسبة 40٪ لانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون مقارنة بالذين لا يتناولونها.
"الستاتينات"، وهي أدوية تستخدم لخفض مستويات الكوليسترول، قد تخفض أيضًا مستويات هرمون التستوستيرون. يعمل الكوليسترول في الواقع بمثابة محفز لتخليقه (precursor).
كل هذه الطرق يمكن أن تساعد في الحفاظ على مستويات جيدة من هرمون التستوستيرون، ولكن يبقى من الصعب مواجهة، بشكل كامل، آثار انخفاضه الذي يحدث بشكل طبيعي أثناء الشيخوخة. في هذه الحالة، قد يكون من الضروري استشارة طبيب هرمونات (endocrinologist) للنظر في إمكانية إعطاء علاج طبي معتمد على التيستوستيرون.