"لماذا كل هذه الهيستيريا ؟ هل أنتِ حائض ؟ " إنها عبارات متداولة و لا تزال شائعة الى يومنا هذا.. مما يعني أن المرأة تحت سيطرة هرموناتها وأعضائها الأنثوية.
هذا الكلام هو من مخلفات الطب القديم (القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) : حيث كانت المرأة تعتبر مريضة دائمة، خاضعة لسيطرة رحمها. حتى أن طبيبًا اخترع مصطلح الهستيريا، وهو عصاب تم ربطه بالأنثى على وجه التحديد، وزعموا أن سببه في الجهاز العصبي الرحمي.
كل هذا الكلام باطل وهذا لا يعني أن الهرمونات ليس لها تأثير. في الواقع، خاصة قبل الحيض، عندما ينخفض مستوى البروجسترون، تحدث أعراض (الألم، القلق، التهيج، إلخ) : تعاني 20 إلى 50 ٪ من النساء من متلازمة ما قبل الحيض.
تأثير الإستروجين على الحُصين
من جهة ثانية، فإن التغيرات الهرمونية لدى النساء خلال الدورة الشهرية لها جانب إيجابي أيضًا : فالإستروجين يؤثر على الحُصين، ما يحسن من قدرات النطق والحفظ بشكل أفضل. الحصين عبارة عن هيكل على شكل ساعة رملية يقع في الفص الصدغي للدماغ. ويشارك في تكوين واسترجاع الذكريات، فضلا عن تنظيم العواطف. تم العثور على مستقبلات هرمون الاستروجين بكثرة في هذه المنطقة، مما يشير إلى وجود صلة قوية بين هذه الهرمونات والوظائف المعرفية المرتبطة بالحصين.
أظهرت العديد من الدراسات أن هرمون الاستروجين يمكن أن يعدل نشاط الحُصين، خاصة عند النساء في سن الإنجاب. على سبيل المثال، أظهرت الأبحاث أن هرمون الاستروجين يعزز اللدونة المشبكية (بالإنجليزية : Synaptic plasticity)، وهي قدرة الروابط بين الخلايا العصبية على النمو بشكل أقوى والتكيف. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين وظائف الحفظ وتقوية الذاكرة.
التوتر يؤثر على الدورة الشهرية عند المرأة !
في المتوسط، تستمر الدورة الجنسية لدى امرأة في سن الإنجاب 28 يومًا. وخلال هذه الفترة، يخضع الجسم لتغيرات فسيولوجية وبيولوجية مختلفة. ويتم التحكم في هذا التسلسل من التغييرات من خلال الهرمونات الجنسية التي تنتجها الغدة النخامية. التي بدورها تكون خاضعة لسيطرة منطقة من الدماغ تسمى غدة ما تحت المهاد. وهذه الغدة تتاثر بشكل كبير بالاجهاد.
في الواقع، تتأثر الهرمونات الجنسية بالعديد من العوامل مثل انقطاع الطمث والحمل ولكن أيضًا الإجهاد الذي يؤثر على إنتاج الهرمونات الجنسية عبر غدة ما تحت المهاد. وفي هذه الحالة يؤثرالإجهاد على توازن الهرمونات المختلفة التي ينتجها الجسم. وفي حال استمرت حالة التوتر او الاجهاد، يفرز الجسم بشكل رئيسي هرمونات الإجهاد مثل ACTH، الكورتيزول، الأدرينالين، الأوكسيتوسين والفازوبريسين. حيث تقوم هذه الهرمونات بتوليد سلسلة من ردود الفعل لمساعدة الجسم على مواجهة الإجهاد. وبالتالي يتم تعبئة الجسم لتوليف هذه الجزيئات المختلفة على حساب الهرمونات الجنسية اللازمة للتحكم في المراحل المختلفة من الدورة الجنسية.
من العروف أن الإجهاد عامل مؤثر على الدورة الطبيعية للمرأة. فمشاكل الحياة مثل موت فرد من الأسرة والبطالة والمشاكل المالية كلها عوامل تزيد من القلق، والقلق كما هو معروف أيضا يولد الكثير من التغيرات الفسيولوجية تؤثر سلبا على الصحة العامة في حالة استمر هذا القلق في الزمن.