بينما يسعى العلماء الى استعمار الكوكب الأحمر على المدى المتوسط، يحاولون جاهدين تجاوز العديد من العقبات التي تقف في طريق إنشاء قاعدة مأهولة على سطح المريخ. رياح شديدة وباردة وإشعاع مميت وقبل كل شيء هواء غير صالح للتنفس.
تخطط وكالة ناسا لإرسال أول رجال إلى المريخ بحلول عام 2040. وسيتبع هذه الرحلة الاستكشافية الأولى سريعًا مشروع استيطاني بمجرد أن تنجح تجربة مماثلة على القمر. مع هذا الطموح، قد ننسى مدى قساوة بيئة المريخ. على الرغم من أنها قد أوت الحياة على الأرجح منذ ملايين السنين، إلا أنها بعيدة كل البعد عن البيئة المناسبة للإنسان.
لذا إذا سألت نفسك يوما هذا السؤال : هل يمكننا التنفس على المريخ ؟ الجواب هو لا. في الواقع، الهواء الذي نتنفسه على الأرض يتكون من عدة غازات. يحتوي بشكل أساسي على النيتروجين (78٪) والأكسجين (21٪). تمثل نسبة 1٪ المتبقية عددًا كبيرًا من الغازات الأخرى بكميات دقيقة مثل ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن الاحتباس الحراري أو الهيليوم أو الأرغون على سبيل المثال لا الحصر. "عندما نستنشق الهواء، يقوم الجسم بفرز هذه الغازات من تلقاء نفسه. يستخرج الأكسجين الذي يحتاجه ويطرد الباقي "حسب ما أوضح العلماء.
موت محقق في أجزاء من الثانية
يكمن سبب عدم قدرتنا على التنفس على المريخ في تركيبة هواء هذا الأخير. يمثل الغلاف الجوي على المريخ 1٪ فقط من حجم الغلاف الجوي للأرض. بعبارة أخرى، هناك 99٪ من الهواء أقل على كوكب المريخ منه على الأرض. هذا يرجع إلى حجم الكوكب الأحمر الذي يبلغ نصف حجم الكوكب الأزرق. على كوكب المريخ، الجاذبية ليست قوية بما يكفي لحبس الغازات من التبخر في الفضاء.
في هذا القدر الضئيل من الهواء، نجد بشكل أساسي ثاني أكسيد الكربون بنسبة 96٪. وفقًا للخبراء، فإن ثاني أكسيد الكربون مميت بدءا من تركيز 11٪، لذا تخيل ما ستعطيه استنشاقة واحدة من هواء المريخ. سيكون الاختناق والموت فوريًا.
في الواقع، هناك عامل آخر مميت ومن شأنه أن ينهي حياتك على الفور، حتى قبل أن تأخذ نفسا. تذكر جيدا هذه القاعدة الفيزيائية : كلما انخفض الضغط الجوي، انخفضت نقطة غليان السوائل. على كوكب المريخ، هذا الضغط منعدم تقريبًا. يكفي أن تغادر المركبة الفضائية حيث يوجد الضغط مرتفع وملائم للحياة حتى يبدأ دمك في الغليان على الفور. إذا كنت قد شاهدت فيلم Total Recall، فبدون شك لن تود أن تلقى مصير الشخصيات التي غامرت بالخروج من القاعدة.
إعادة تأهيل كوكب المريخ
ولكن لماذا يتكون هواء المريخ بالكامل تقريبًا من ثاني أكسيد الكربون ؟ لماذا لا يوجد أكسجين ؟ على الأرض، تأتي الغالبية العظمى من الأكسجين من المحيطات والكائنات الحية الدقيقة التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي. الباقي يأتي من الغابات. بدون الماء وبدون الغطاء النباتي على المريخ، من المستحيل توليد هواء قابل للتنفس وتوليد الغلاف الجوي. الحل الوحيد لجعل الكوكب الأحمر قابل للإستطان هو إعادة تأهيله (Terraforming). قد يتضمن ذلك تبخير الجليد الموجود على القطبين لتكوين غيوم أولية، واستخراج وإطلاق الأكسجين الموجود في النترات والمعادن الموجودة في تربة الكوكب.
المركبة الفضائية "برسفيرنس روفر" (بالإنجليزية : Perseverance rover) التي تقوم بمسح سطح المريخ بحثًا عن آثار الحياة. تضم هذه المركبة العديد من التكنولوجيا من بينها جهاز يسمى MOXIE. يعمل هذا الجهاز الصغير على مبدأ التحليل الكهربائي الذي يفصل بين العناصر الموجودة في ثاني أكسيد الكربون. الكربون والأكسجين. حاليًا، يمتص جهاز MOXIE هواء المريخ ويطلق قدرًا من الأكسجين مثل الشجرة. على موقعها، تقول وكالة ناسا أنه نموذج أولي سيتم استخدامه في النهاية لتثبيت جهاز MOXIE عملاق عندما تصل أو دفعة من رواد الفضاء الى الموقع. لن يسمح الجهاز بجعل الهواء قابل للتنفس ولكنه سيسمح للصواريخ المستقبلية بالإقلاع مرة أخرى لأن الوقود يحتاج إلى الأكسجين ليحترق.