يَعِد الطب التجديدي (Regenerative medicine) بإصلاح الأعضاء والأنسجة التالفة بفضل الخلايا الجذعية، الخلايا التي تتكاثر إلى ما لا نهاية. مسار العلاج بالخلايا الجذعية مسار واعد حتى مع وجود عقبات.
ماذا لو، مثل السلمندر، يمكن لأعضائنا إصلاح نفسها ؟ جسمنا قادر بالفعل على ذلك : لو أزلنا جزءًا من الكبد، على سبيل المثال، تتكاثر خلايا الكبد ويعود العضو إلى حجمه الطبيعي. لكن خلايا القلب والدماغ وما إلى ذلك لا تتجدد ذاتيًا. أبحاث الخلايا الجذعية غيرت قواعد اللعبة. هذه الخلايا غير متخصصة، وقادرة على التكاثر بمالانهاية والتمايز الى أي نوع من الخلايا.
يتم أخذ الخلايا الجذعية الجنينية بين اليوم الخامس والسابع من حياة الأجنة الناتجة عن الإخصاب في المختبر (In vitro fertilization). تأتي الخلايا الجذعية كثيرة القدرة المستحثة (بالإنجليزية : Induced pluripotent stem cells) من خلايا بالغة (الجلد والعضلات وما إلى ذلك) تمت إعادة برمجتها في المختبر. تبدو إمكاناتها هائلة. والعديد من التجارب قيد الإجراء، على سبيل المثال لعلاج التنكس البقعي المرتبط بالسن (AMD) أو مرض السكري من النوع الأول (الذي يخرب فيه جهاز المناعة الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس). لقد قام الباحثون بتحويل الخلايا الجنينية إلى خلايا بيتا في البنكرياس وأعادوا حقنها في العديد من المرضى. وهكذا استطاع هؤلاء الاستغناء عن الأنسولين لمدة عام.
التجارب السريرية لعلاج مرض باركنسون
تجربة أخرى : علاج مرض باركنسون. في الحيوانات، ثبت أنه إذا تم حقن خلايا عصبية جديدة تم تخليقها من الخلايا الجذعية في الجسم المخطط (The striatum)، يتم إنشاء وصلات جديدة بين هذه المنطقة من الدماغ والمادة السوداء (المنطقة التي يتم فيها تدمير الخلايا العصبية الدوبامينية). بدأت تجربتان سريريتان على البشر في الولايات المتحدة واليابان هذا العام. يعمل الباحثون أيضًا على تجديد الجلد. على سبيل المثال، في مختبر I-Stem، سيقوم فريق بزرع بشرة جلدية مشتقة من الخلايا الجذعية في غضون عام لمرضى يعانون من مرض الخلايا المنجلية (الذي يسبب تقرحات في الساق). هناك العديد من الاختبارات في طور الإنجاز. في غضون خمس سنوات ستكون لدينا نتائج، ولكن من الصعب تحديد في أي من هذه الحالات. يتم تطوير علاجات أخرى بالتوازي - مثل العلاج الجيني (الذي يتجلى في ادخال مورثات سليمة إلى الخلايا لتصحيح عمل المورثات غير الفعالة بغية علاج المرض) - لذلك لن يكون العلاج الخلوي (الخلايا الجذعية) بالضرورة هو الأنسب لجميع الأمراض التي تمت دراستها.
التحديات : إنتاج خلايا جذعية عالية الجودة بكميات كبيرة
بعض المحاولات تنتهي أيضًا بخيبة أمل. كانت هناك تجارب على القلب لإصلاحه بعد نوبة قلبية. لكن تقلصات القلب أضعفت الخلايا المزروعة. وبدلاً من ذلك، تتجه التجارب نحو حقن الجزيئات التي تفرزها الخلايا الجذعية. هناك أيضا تحديات أمامنا. يجب إنتاج كمية هائلة من الخلايا. بالنسبة لبعض الأمراض، يتطلب الأمر مليون خلية لكل مريض، أو حتى مليار خلية لحالة فشل الكبد. تعرف الشركات المشاركة في هذا السباق كيفية تصنيع الخلايا الجذعية عالية الجودة بكميات كبيرة. في أسبوع واحد، تمكنا من الحصول على 15 مليار خلية متعددة القدرات (pluripotent cells) من 50 مليون خلية جذعية.
التحدي الآخر : تجنب رد فعل الرفض لدى المتلقي
إذا انتشر هذا العلاج على نطاق واسع، فسيكون من الضروري الانتقال إلى طور التصنيع. في الوقت الحالي، يصاحب حقن الخلايا الجذعية علاج مثبط للمناعة من أجل تجنب رفضها من طرف الجسم المضيف. لكن الأفضل هو أخذ الخلايا الجذعية من المتلقي وإعادة برمجتها وحقنها في نفس المريض. الأمر ممكن تقنيًا، لكنه مكلف للغاية. لذلك سيكون من الضروري إنتاج خلايا تستطيع التخفي عن الجهاز المناعي، وذلك بفضل التعديل الجيني، والذي يمكن أن يسبب مشاكل أخرى، مثل عدم سيطرة جسم المتلقي عليها. على الرغم من الآمال الهائلة التي أثارها العلاج بالخلايا الجدعية، لا تزال أمام الأبحاث في هذا المجال الكثير من التحديات.