تعد الشمس مصدر طاقة حيوي لكوكب الأرض، ولكنها توفر أيضًا العديد من الفوائد لأجسامنا. توفر أشعة الشمس فيتامين (د) الضروري للحفاظ على صحة العظام والأسنان، فضلاً عن تعزيز جهاز المناعة. يمكنها أيضًا تحسين الحالة المزاجية والنوم وتقليل التوتر وزيادة إنتاج الميلاتونين. ومع ذلك، من المهم التعرض لأشعة الشمس بشكل معقول وتذكر اتخاذ تدابير الحماية من الآثار الضارة للأشعة فوق البنفسجية. في هذه المقالة، سوف نستكشف الفوائد العديدة للشمس على أجسامنا وكيفية الإستفادة منها بأقصى درجة مع تجنب مخاطرها.
الشمس تذيب الدهون
هل الشمس طريقة تخسيس جديدة ؟ ليس تماما ! ولكن في عام 2017 اكتشف باحثون من جامعة ألبرتا (كندا) أن لها تأثيرًا على تحلل الدهون (تكسير وإطلاق الدهون في الدم) الذي يحدث في الخلايا الشحمية (بالإنجليزية : lipocytes)، وهي خلايا الأنسجة الدهنية المتمركزة تحت الجلد. تخزن هذه الأخيرة الدهون وتحررها حسب الحاجة. وضع العلماء الخلايا الشحمية تحت مصباح ينبعث منه ضوء أزرق بكثافة مكافئة لتلك الموجودة في يوم مشمس، وأخرى في الظلام. بعد بضعة أيام، لاحظوا أن الخلايا الشحمية تحت المصباح احتوت على دهون أقل. يعمل الضوء على تنشيط بروتين يسمى الميلانوبسين، والذي بدوره يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل في الخلية. قد يفسر هذا سبب فقدان الوزن في الصيف أكثر من فصل الشتاء.
الشمس تقوي العظام وتجعلها تنمو
تقوم الأشعة فوق البنفسجية على مستوى الجلد، بتنشيط إنتاج فيتامين (د). وبمجرد دخوله إلى مجرى الدم، يصل إلى الكبد ثم الكلى، حيث تمنحه التحولات الفزيولوجية شكله النشط : الكالسيتريول (بالإنجليزية : Calcitriol). الكالسيتريول يعمل كهرمون على عدة أعضاء. في الأمعاء، يزيد من امتصاص الكالسيوم والفوسفور من الطعام، وهي المعادن الرئيسية لبناء العظام. على مستوى الكلى، يحد من فقدان الكالسيوم في البول. على مستوى الهيكل العظمي، فإنه يحفز تمعدن العظام، مما يسهل نموها أثناء الطفولة وإعادة تشكيلها طوال الحياة. الغذاء يوفر القليل من فيتامين (د)، لذلك، من المهم التعرض لأشعة الشمس 15 دقيقة في اليوم.
الشمس تحد من قصر النظر
عندما يقضي الأطفال معظم وقتهم خارجا في الهواء الطلق، فإن ذلك، يمنع تفاقم قصر النظر لديهم. من بين التفسيرات التي قدّمها الباحثون، شدة الضوء، التي تكون أعلى في الخارج. عبر مستقبلات الشبكية، يعيد ضوء الشمس ضبط ساعتنا البيولوجية الداخلية وإيقاعنا اليومي كل يوم (تعاقب النوم واليقظة على مدار 24 ساعة). لدى الحيوانات، تحفز الطفرات في جينات هذه الساعة على قصر النظر : لذلك هناك صلة قوية بين الساعة الداخلية والإيقاع اليومي وقصر النظر. يمكن أن يشمل هذا التأثير الدوبامين، وهو ناقل عصبي يتم إطلاقه أثناء الإضاءة العالية. لكن في الوقت الحالي، لا تزال آليات هذا النظام مجهولة.
الشمس تعالج الجلد
الصدفية، والأكزيما، والبهاق.. يمكن لأشعة الشمس أن تحدّ من هذه الأمراض الجلدية. لكن هذا لا يعني التعرض للشمس بشكل غير عقلاني : لأن حروق الشمس يمكن أن تفاقم هذه الأمراض. يقوم طبيب الأمراض الجلدية بإجراء العلاج بالضوء في مقصورة تنبعث منها أشعة تم اختيارها لضررها القليل : الأشعة فوق البنفسجية (أشعة فوق بنفسجية طويلة "UVA" والموجة المتوسطة أو "UVB"). الأمراض التي يتم علاجها بهذه الطريقة هي الصدفية، مرض التهابي مزمن يصيب الجلد (بقع حمراء وقشور)، ورم الغدد الليمفاوية الجلدي (سرطان نادر)، والتهاب الجلد التأتبي (الإكزيما)، والجُلاَد الضَوئيّ (مرضٌ جلدي يحدث بسبب التعرض لأشعة الشمس) والبهاق (زوال اللون الطبيعي للجلد). كل هذه الأمراض لها علاقة بالجهاز المناعي، وتعمل أشعة الشمس فوق البنفسجية على كبح بعض ردود فعل النظام المناعي وبالتالي تقلل من ظهور هذه الأمراض.
الشمس لها تأثير مضاد للاكتئاب
من المعروف أن ضوء الشمس يجعلنا في مزاج جيد. لكن ما هو غير معروف هو آلية هذا التأثير : هذا التأثير المضاد للإكتئاب ليس بسبب تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الجلد، بل تأثير الضوء الذي تتلقاه العين. في شبكية العين، تلتقط المستقبلات شدة الضوء وتبلغ الدماغ، فيقوم هذا الأخير بإنتاج مادة السيروتونين، وهو ناقل عصبي معروف بقدرته على تنظيم الحالة المزاجية والمشاعر. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الضوء على موازنة الساعة البيولوجية بشكل يومي على نظام 24 ساعة. يمكن أن يضطرب هذا التزامن بسبب قلة الضوء في الشتاء، ويسبب الاكتئاب الموسمي. يمكن أن يُحلّ هذا المشكل بالعلاج بالضوء (التعرض للضوء الأبيض بدون الأشعة فوق البنفسجية).