ربما تساءلتم يوما، وأنتم تنظرون لأعلى، إلى أي مدى يبلغ ارتفاع ما نسميه "السماء". في الواقع، لا يوجد حد دقيق بين الغلاف الجوي للأرض (الذي يمثل نوعا ما السماء) والفضاء.
لأنه لا يوجد عتبات مادية حقيقية، هناك حد متفق عليه يسمى خط كارمان (بالإنجليزية : Karman line)، سمي على اسم فيزيائي أمريكي من أصل مجري.
خط كرمان ثابت على ارتفاع 100 كيلومتر فوق الأرض. هذا الارتفاع، الذي اعتمده الاتحاد الدولي للطيران، لا يفصل حقًا "السماء" عن الفضاء الذي يعتبر امتداد لها.
بدلاً من ذلك، فهو يتوافق مع الارتفاع الذي لا يمكن للطائرة أن تتجاوزه. هذا أيضًا حد نظري، لأنه، في الواقع، بالكاد ترتفع الطائرات التجارية أكثر من 12 كيلومترًا، ويمكن للطائرات النفاثة الخاصة (private jet) أن ترتفع أكثر قليلا من هذا العلو.
في الواقع، محركات هذه الطائرات ليست قوية بما يكفي لمنحها ما يكفي من قوة الرفع لجعلها تتجاوز هذا الارتفاع. وللتذكير فقط، فقوة الرفع هي القوة التي تمارسها الرياح على جناحي الطائرة (تحت تأثير الحركة يرتفع ضغط الهواء تحت الجناح وينخفض الضغط فوقه، فتنشأ قوة رفع على الجناح إلى أعلى).
ومع ذلك، على متن مركبتهم الفضائية، يمكن لرواد الفضاء رؤية حدود أخرى للسماء. إذا نظرنا إليها من الأعلى، فهي تتكون من نوع من الهالة الزرقاء التي تحيط بكوكبنا.
يطلق عليه العلماء اسم "geocorona". تتكون من سحابة هيدروجين من أصل أرضي. إنها تشكل ما نسميه "السماء". هي فقط تمتد أعلى مما كنا نظن.
التحليل العميق للبيانات التي أرسلها القمر الصناعي Soho، في عام 1998، جعلت من الممكن استنتاج أن سحابة الهيدروجين هذه كانت على ارتفاع أكبر.
ومع ذلك، عندما نرتفع أكثر فأكثر، يقل سمك هذه الهالة أكثر فأكثر. في الواقع، هناك 50 مليون ذرة هيدروجين لكل سنتيمتر مكعب على ارتفاع 100 كيلومتر، و 70 ذرة لكل سنتيمتر مكعب عند 60.000 كيلومتر و 0.05 ذرة فقط لكل سنتيمتر مكعب عند 630.000 كيلومتر من الأرض.
مما يعني، في هذه الحالة، أن "السماء" تمتد أعلى فوق القمر.
لماذا السماء زرقاء ؟
في الواقع، السماء ليست زرقاء، بل سوداء. لمعرفة ذلك يكفي انتظار أن يحين الليل لتلاحظ أن السماء سوداء، ومن الفضاء تبدو السماء سوداء أيضًا. السماء زرقاء فقط بسبب الشمس، وضوءها الأبيض، حتى لو كانت الشمس غالبًا ما يتم تمثيلها باللون الأصفر عند رسمها. اللون الأزرق للسماء هو ببساطة راجع إلى وجود الغلاف الجوي، الذي تمتص جزيئاته أطوال موجية معينة من الإشعاع الشمسي.
يتكون الضوء الأبيض المرئي الذي يأتي من الشمس من تراكب موجات كهرومغناطيسية ذات أطوال موجية مختلفة. يختلف الطول الموجي من 380 نانومتر، اللون البنفسجي، إلى 750 نانومتر، اللون الأحمر، ويمر عبر جميع الألوان الأخرى الموجودة في قوس قزح : الأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي. نجد أيضًا اللون النيلي (Indigo)، والذي وفقًا للعديد من العلماء هو جزء من اللون الأزرق.
أما الغلاف الجوي فهو يتكون من 78٪ نيتروجين (N2) و 21٪ أكسجين (O2). بالإضافة إلى ذلك، إلى حدٍ ما، يوجد أيضًا ماء، على شكل بخار وقطرات، وجسيمات صلبة مثل الغبار أو رماد البراكين.
ظاهرة الانتشار
ظاهرة الانتشار أو التبعثر أو الانتثار هي التفاعل بين طاقات الموجات الكهرومغناطيسية وجزيئات الغلاف الجوي. عند تلامس جزء الإشعاع الأطول (اللون الأحمر) مع الغلاف الجوي، يستمر الإشعاع في مساره المستقيم. الضوء الأزرق، الذي له طول موجي أقصر، يدخل في تزامن مع جزيئات الغاز المكونة للغلاف الجوي وبالتالي ينعكس في جميع الاتجاهات.
تسمى ظاهرة الانتثار أيضًا بتبعثر رايلي. هذا الاسم أطلق على الظاهرة نسبة للورد (جون ويليام ستروت رايلي)، عالم فيزياء من أصل إنجليزي، يعتبر أول من وصف الظاهرة في منتصف القرن التاسع عشر.
وفقًا لظاهرة انتثار رايلي، فإن الضوء ذي الطول الموجي الطويل، مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر، يتأثر بشكل ضئيل بالتفاعل مع الغلاف الجوي.
في المقابل، ينتشر الضوء الأزرق في كل الاتجاهات. في الواقع، بغض النظر عن المكان الذي ننظر إليه في السماء، فإننا نرى دائمًا نفس اللون (الأزرق). لكن، إذا نظرنا نحو الأفق، فسيكون من السهل ملاحظة أن هذا الجزء من السماء يكون في اللون الازرق أقل غمقا أي فاتحا. يفسر هذا حقيقة أن ظاهرة الانتشار تعمل بشكل أفضل في الغلاف الجوي العلوي وتقل قوتها في الغلاف الجوي السفلي.
لماذا لا تكون السماء أرجوانية ؟
قد يعتريك شك وتتساءل لماذا لا تكون السماء أرجوانية (بنفسجية)، حيث أن هذا الضوء له طول موجي أقصر.
في الواقع هناك سببان لذلك. السبب الأول يتعلق بحساسية العين للضوء، في الواقع، العين أكثر حساسية للأزرق من البنفسجي. السبب الثاني الذي يجعلنا لا نرى السماء أرجوانية هو أن الجزء الخارجي من الغلاف الجوي للأرض يمتص الضوء البنفسجي ويخفيه عن أعيننا. لذلك فإن اللون الأزرق هو السائد.
وماذا عن غروب الشمس؟
عندما تقترب الشمس من الأفق، تكون في مستوى منخفض : لذلك يجب أن تمر أشعتها عبر طبقة أكبر من الغلاف الجوي. ومن ثم فإن اللون الأحمر هو الذي سيسود لأنه يحتاج إلى مزيد من الهواء. لذلك لن تستقبل عين المشاهد موجات اللون الأزرق، بل موجات اللون الأحمر.