من بين الأطعمة التي تسبب معظم المشاكل، يأتي السكر بانتظام في المرتبة الأولى. حيث يُعاب على السكر طبيعته المسببة للإدمان أو المسرطنة، كما أنه مسؤول عن شيخوخة الخلايا بشكل أسرع. يمكن تفسير هذه الظاهرة من ناحيتين : انخفاض حساسية الأنسولين وتثبيت بقايا السكر على كولاجين الجلد.
الغلوزة (Glycation) المسؤولة عن شيخوخة الجلد المبكرة
يتم هضم السكريات الموجودة في الطعام في المعدة ثم في الأمعاء بفعل الإنزيمات المختلفة. اعتمادًا على نوع الكربوهيدرات التي يتم تناولها، يؤدي تكسير الطعام إلى ظهور جزيئات الجلوكوز والفركتوز. يتكون السكر الأبيض، المسمى السكروز، من هذين النوعين من السكريات الأحادية. تكمن المشكلة في أن الجلوكوز والفركتوز يتحدان مع البروتينات أو الدهون في تفاعل كيميائي، الغلوزة (بالإنجليزية : Glycation). يؤدي هذا إلى إنتاج نواتج غلوزة نهائية متقدمة أو ما يسمى بالـ AGEs.
الغلوزة (Glycation) تحدث بشكل طبيعي في الجسم. ولكن عندما يتم استهلاك السكر بكميات زائدة، فإنه يطلق الكثير من نواتج الغلوزة (AGEs) بحيث يتمكن الجسم من معالجتها أو التخلص منها. ثم تلتصق هذه المنتجات من السكر بخلايا معينة، ولا سيما خلايا الجلد من الكولاجين والإيلاستين. سوف يتغير الهيكل العام للجلد من خلال وجود هذه النواتج، مما يقلل من ليونة ومرونة الكولاجين والإيلاستين.
نجد نواتج الغلوزة (Glycation) في الأطعمة التي تم شيّها أو كرملتها (Caramelization). كلما احتوى النظام الغذائي على السكر والأطعمة التي خضعت لتفاعل ميلارد أو ميار (بالإنجليزية : Maillard reaction)، والذي يعطي هذا اللون البني وهذه النكهة المميزة، كلما زادت نواتج الغلوزة (AGEs) في الجسم، وكلما زادت سرعة شيخوخة الجلد أو البشرة.
تفاعل ميلارد أو ميار (Maillard reaction) هو شكل من أشكال التفاعل الغير إنزيمي، الناتج عن التفاعل الكيميائي بين الأحماض الأمينية و السكريات المختزلة، والتي تتطلب عادة وجود الحرارة ولتعطي لون ورائحة مميزة دليل على إنضاج الخبز.
يعود فضل اكتشاف هذا التفاعل وأهميته الحيوية في إعداد أو تقديم أنواع مختلفة من الطعام، إلى الكيميائي (لويس كاميل ميلارد)، الذي وصف التفاعل لأول مرة في عام 1912 أثناء محاولة لإعادة تخليق البروتين.
تؤثر الغلوزة (Glycation) أيضًا في الأنسولين والهيموجلوبين
يؤدي نظام غذائي غني بالسكر، الى مهاجمة الغلوزة (Glycation) لهرمون الأنسولين الذي ينظم نسبة السكر في الدم وبالتالي مستويات السكر في الدم، وكذلك الهيموغلوبين، وهو البروتين المسؤول عن نقل الأكسجين. يصبح الأنسولين المكلور بجزيئات الجلوكوز (Glycated insulin) غير فعال في إدارة نسبة السكر في الدم. ومن ثم، فإن خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني (2) أو تفاقمه أمر وارد للغاية. إذا تم التحكم في نسبة السكر في الدم بشكل سيئ، فإن السكر الزائد يدور في جميع أنحاء الجسم، مما يتسبب في غلوزة (Glycation) الخلايا الأخرى، وبالتالي تسريع شيخوخة هذه الخلايا.
وفقًا للأبحاث التي أجريت على مدار العقود الماضية، فقد ثبت أن الغلوزة (Glycation) تتسبب في تلف الخلايا والأنسجة، وتزيد من شيخوخة الأوعية الدموية. تعزز تنكس الأنسجة في مرحلة مبكرة، وذلك بشكل لا رجعة فيه عند الوصول إلى مرحلة معينة من الغلوزة (Glycation).