تعتبر الدراجات النارية من أخطر وسائل النقل، ومن هنا تأتي الحاجة إلى ارتداء خوذة واقية للرأس، والتي، وفقًا للإحصاءات، تقلل من خطر إصابات الرأس بحوالي 69٪ والوفيات بحوالي 42٪. على الرغم من التكهنات بأن ارتداء خوذة دراجة نارية سيزيد من إصابات الرقبة والعمود الفقري في حالة وقوع حادث، إلا أن الأدلة الحديثة أظهرت أن الخوذات تحمي من إصابات العمود الفقري.
هل تعلم أن خوذة الدراجة النارية تم اختراعها بعد وفاة (توماس إدوارد لورانس) ؟
اشتهر (توماس إدوارد لورانس) من خلال إنجازته في الحرب العظمى في الشرق الأوسط واشتهر باسم (لورنس العرب)، توفي هذا الضابط والكاتب البريطاني الشهير في 19 مايو 1935، عن عمر يناهز 46 عامًا، بعد تعرضه للعديد من إصابات الرأس الخطيرة في حادث دراجة نارية. لم يتخيل أن الحادث الذي أودى بحياته والجرّاح الذي حاول إنقاذه سيكونان سببا في إنقاذ آلاف الأرواح.
فقد (لورنس العرب) السيطرة على دراجته النارية، وهي من نوع (Brough Superior SS100)، بالقرب من منزله في (دورست)، جنوب غرب إنجلترا. وخلص أحد الأطباء الذين فحصوا (لورنس العرب)، (هيو كيرنز)، بعد تشريح جثته إلى أن (لورانس) عانى من تمزقات شديدة وتلف في الدماغ عندما اصطدم رأسه غير المحمي بالأرض.
لم ينسى (كيرنز) وفاة (لورنس العرب)، والذي بدأ في جمع الأدلة على إصابات الرأس التي تعرض لها راكبو الدراجات النارية. بعد 6 سنوات من البحث، نشر (هيو كيرنز) في أكتوبر 1941 نتائجه الأولى في المجلة الطبية البريطانية. وكان المقال بعنوان "إصابات الرأس لدى راكبي الدراجات النارية وأهمية الخوذ الواقية".
وكشف أنه في 21 شهرًا قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، قُتل 1.884 راكب دراجة نارية على طرق بريطانيا. من الحالات التي حققت فيها (كيرنز)، أصيب ثلثاها بجروح في الرأس. وكتب : "ليس هناك شك في أن العديد من الضحايا من هذا الصنف كانوا سيعيشون لو كانت رؤوسهم محمية بشكل كافٍ".
الجيش، الذي كان يفقد راكبي دراجات كل أسبوع، كان مقتنعا بهذه النتائج. في نوفمبر 1941، أمر جميع سائقي الدراجات بارتداء الخوذ. لقد استطاع (كيرنز) تحقيق أول انتصار له. في عام 1943، استطاع (كيرنز) إثبات أن الخوذة الجيدة يمكن أن تقلل من كسور الجمجمة لدى راكبي الدراجات النارية الذين أصيبوا في الرأس بنسبة 75٪.
في عام 1946، أثبت الطبيب أن العدد الإجمالي لوفيات راكبي الدراجات النارية في الجيش انخفض بشكل ملحوظ بعد ارتداء خوذات رأس واقية. وختم قائلاً : "كل هذه التجارب تبين بما لا شك فيه، أن اعتماد خوذة واقية من قبل جميع راكبي الدراجات النارية المدنيين من شأنه أن ينقذ الأرواح".
على الرغم من البحث المضني الذي أجراه (كيرنز)، إلا أن إنجلترا لم تجعل ارتداء خوذة الرأس أمرًا إلزاميًا إلا في عام 1973.