في السنوات الأخيرة لطالما سمعنا على أن الأمعاء هي ’’الدماغ الثاني‘‘ لدى الإنسان. فهل يمكن أن يؤثر الجهاز الهضمي (خاصة الأمعاء) حقًا على صحتنا ومزاجنا، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي آليات المتدخلة في هذه العملية ؟
الأمعاء مرتبطة بالدماغ
وفقًا للأطباء، هناك روابط دائمة بين الدماغ والبكتيريا أو الفلورا المعوية. يتم ارسال هذه التبادلات عبر الدم، الذي ينقل رسائل حول صحة الجهاز الهضمي.
لكن هناك مسار ثاني. في الواقع، الأمعاء، مثل الدماغ، مبطنة بالخلايا العصبية، لهذا السبب أُطلق عليه اسم ’’الدماغ الثاني‘‘. هذه الخلايا العصبية المعوية، على وجه الخصوص، تلعب دورًا في حركات الأمعاء.
تشكل هذه الخلايا العصبية، نوعا ما، جهازًا عصبيًا فرعيًا، والذي يتواصل بلا شك مع الجهاز العصبي المركزي عبر العصب الحائر. وهذا هو المسار الذي يسلكه السيروتونين، وهو هرمون (وناقل عصبي) ينتج بشكل كبير في الأمعاء والذي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم الحالة المزاجية.
دور الأمعاء في تنظيم المزاج
لذلك ليس من المستغرب أن يعتمد المزاج جزئيًا على الأمعاء. خاصة وأن التبادلات التي تتم من الأمعاء نحو الدماغ أكثر عددًا من التي تتم في الاتجاه المعاكس (من الدماغ في اتجاه الأمعاء).
لهذا السبب فإن الحالة المزاجية ستكون مرتبطة، على الأقل جزئيًا، بالفلورا المعوية أو الميكروبيوت، وبالتالي بما نتناوله من طعام. أراد الباحثون التحقق من دور الأمعاء في الحالة المزاجية. لهذا، قاموا أولاً بإجراء تجارب على الفئران.
قاموا بفصل الفئران إلى مجموعتين، وأعطوا المجموعة الأولى غذاءً كثير السكر وغنيًا بالأحماض الدهنية المشبعة، وأعطوا للمجموعة الثانية نظامًا غذائيًا متوازنًا. ظهرت على الفئران في المجموعة الأولى بسرعة علامات الاكتئاب، بينما ظل فئران المجموعة الثانية اجتماعيين ونشطين.
أجرى باحثون آخرون دراسة على النساء اللواتي تم تقسيمهن أيضا إلى مجموعتين. شربت المشاركات في المجموعة الأولى لبنًا يحتوي على بكتيريا معينة (البكتيريا النافعة)، فيما لم تأخذ المشاركات في المجموعة الثانية أي شيء.
لم تكن مناطق الدماغ المسؤولة عن إدارة المشاعر هي نفسها لدى النساء اللائي شربن الحليب الذي يحتوي على البكتيريا. لقد أثر هذا المشروب بلا شك على تكوين الفلورا المعوية.