لم يزاول (رولان غاروس) قط التنس في حياته، رغم أنه كان رياضيًا بارعًا. لكن في شبابه، عُرف عنه أنه كان يلعب بمهارة كرة القدم والرغبي وركوب الدراجات، حتى أن هذه الأخيرة سمحت له باستعادة قدراته التنفسية التي أضعفها الالتهاب الرئوي الذي أصيب به في سن الـ 12.
في أغسطس 1909 حدث تحول قلب حياته مئة درجة. بعد دعوته إلى منطقة (الشمبانيا) من قبل صديق، حيث حضر أول استعراض طيران في حياته. وهناك أصبح مهووسا بهذه الآلات المدهشة. ولأن (Roland Garros) كان بطبيعته لايعرف الاستسلام أو اليأس، فقد اشترى على الفور طائرة، وتعلم الطيران بمفرده.
إنجاز غير مسبوق في البحر الأبيض المتوسط
بعد عامين من ولادة شغفه بالطيران، استطاع (Roland Garros) أن يحطم رقمه القياسي الأول في التحليق، يوم 6 سبتمبر 1911، حيث استطاع الطيران الى ارتفاع 3910 مترا، بعد إقلاعه من شاطئ (Houlgate). ثم توالت الانجازات واحدة تلو الأخرى. لقد فاجأ (Roland Garros) الجميع بجرأته وإبداعه. وسرعان ما أصبح نجما في عالم الطيران. كان مئات الآلاف من المهتمين يتدفقون على أوروبا وأمريكا الجنوبية لمشاهدة عروضه في الطيران.
لم يتوقف طموح (Roland Garros) عند هذه العروض. لقد وضع لنفسه تحديًا جديدًا : وهو عبور البحر الأبيض المتوسط، في سابقة من نوعها. في 23 سبتمبر 1913، انطلق (رولان غاروس) من (سان رافاييل) الى (بنزرت) على طائرته (Morane-Saulnier)، في رحلة دامت قرابة ثماني ساعات.
غادر (Roland Garros) في الساعة 5:47 صباحًا، وعلى متن طائرته 200 لترًا من البنزين و 60 لترًا من زيت الخروع، و على الرغم من حدوث عطللين نجح هذا العبقري الميكانيكي في إصلاحهما بسرعة، واستطاع الهبوط في تونس على الساعة 1:40 مساءً بعد أن قطع حوالي 780 كيلومترًا. وبقي لديه ... خمسة لترات من الوقود. جعله هذا الإجاز الفذ واحداً من الأبطال التي تفتخر بهم فرنسا.
مخترع الرشاش
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، انضم (Roland Garros) إلى الصراع. في ذلك الوقت، كان تسليح الطائرات شبه معدوم. لكن روح الابداع والاختراع ظهرت مرة أخرى : فقد طور (Roland Garros) أول مقاتلة ذات مقعد واحد مزودة بمدفع رشاش يطلق النار من خلال المروحة. إنها ثورة جديدة في سلاح الطيران.
في بداية أبريل 1915، حقق (Roland Garros) الذي شغل رتبة (الملازم الثاني) ثلاثة انتصارات متتالية في أسبوعين، لكنه أصيب في هجمة ألمانية في سماء بلجيكا.
أُجبر على الهبوط، وتم أسره قبل أن يتمكن من إشعال النار في طائرته. لذلك وقع اختراعه في أيدي العدو. الذي عرف سر هذا الإختراع الجديد.
استغرق الأمر ثلاث سنوات قبل أن يتمكن هذا الطيار العنيد من الفرار، متنكرا في زي ضابط ألماني. لكن ظروف الأسر جعلت صحته تتدهور.
ورغم ذلك كله، عاد (رولان غاروس) العنيد إلى المعركة. لكن جرأته، هذه المرة، ستكون سببا في مقتله : فقد أسقطت طائرته في 5 أكتوبر 1918 فوق منطقة (آردن)، بعد أن ألحق هزيمة رابعة بالعدو.
قصة الرجل الذي أطلق اسمه على أحد أكثر الملاعب الأسطورية في عالم التنس ليست معروفة لدى عامة الناس. ويجب الإعتراف أنه كان من غير المتوقع تمامًا أن يرتبط اسم رجل برع في ميدان الطيران - لأنه لهذا السبب دخل (رولاند غاروس) التاريخ - بملعب تزاول فيه لعبة التنس. إنها إحدى الميزات التاريخية لبطولة فرنسا المفتوحة وأيضا تكريم مستحق لرجل كان رائدًا وبطلًا عظيما.