جميع البحار مالحة، لكن البحر الميت حطم الرقم القياسي في الملوحة. حيث يحتوي هذا الأخير على 27.5٪ من الملح مقارنة بالبحار الأخرى التي تحتوي على 2 إلى 4٪ من الملح فقط. ويعزى هذا التركيز العالي من الملح في البحر الميت إلى أسباب، بعضها تشترك فيه جميع البحار والبعض الآخر انفرد به البحر الميت.
آثار التعرية
منذ عدة مليارات من السنين، انخفضت حرارة الأرض كثيرًا، محولة بخار الماء، الناتج عن نشاط بركاني مكثف، إلى مطر. تسببت قوة هذه الأمطار الغزيرة في تفتيت قوي للمواد الصخرية. حيث كشطت الأمطار القوية العديد من المكونات، لا سيما الأملاح المعدنية والصوديوم.
هذه المياه الحاملة للملح تقاطرت على الأرض، وانتهى بها الأمر في الأنهار التي بدورها صبت في البحار فترسبت في هذه الأخيرة كل تلك الاملاح. والبحر الميت تشكل بنفس الطريقة، من خلال نهر الأردن الكبير الذي يصب فيه.
أسباب أخرى
لكن هذا السبب، الذي ينطبق على ملوحة جميع
بحار الكرة الأرضية، لا يكفي لتفسير نسبة الملح العالية جدًا في البحر الميت.
مثل مستوى مياه البحار الأخرى، يميل مستوى مياه البحر الميت، وهو في الحقيقة مجرد بحيرة، إلى الانخفاض بسبب التبخر الطبيعي. وبالتالي، فإن انخفاض منسوب مياه البحر يزيد من ملوحة هذا الأخير.
لكن هذا الانخفاض في مستوى مياه البحر الميت لا يمكن
أن يعزى إلى هذه الظاهرة الطبيعية وحدها. هذا الانخفاض الكبير في مستوى المياه، الذي يزيد من ملوحة البحر الميت، يرجع سببه الرئيسي إلى النشاط البشري.
وبالفعل، فإن 90٪ من مياه نهر الأردن، النهر
الوحيد الذي يغذي البحر الميت، مخصصة للري. ولهذا الغرض، قامت الدول المشاطئة، مثل
سوريا والأردن وحتى دولة الاحتلال إسرائيل، ببناء سدود كبيرة على روافد النهر.
هذه السدود، القادرة على تخزين مئات الملايين من الأمتار المكعبة من المياه، تمنع الكثير من مياه نهر الأردن عن البحر الميت. وبالتالي كلما انخفض مستوى مياه البحر الميت، زاد تركيز ملوحته.
أخيرا، هذه الملوحة العالية تفسر سبب تسمية هذا البحر بالبحر الميت، فالأسماك
والطحالب لا يمكنها ببساطة البقاء على قيد الحياة في هذه البيئة شديدة الملوحة.
والأمر سيان بالنسبة للبشر. حيث لا ينصح بالسباحة هناك لأكثر من 10 دقائق وبالطبع
يوصى بشدة بعدم ابتلاع ماءه.
لماذا لا يغرق المرء في البحر الميت ؟
منذ القرن الثالث قبل الميلاد فسرت (دافعة أرخميدس) سبب طفو الاجسام على الماء. حيث تقول هذه الأخيرة أن جسم مغمور في سائل يخضع لضغط تصاعدي يعادل وزن حجم السائل الذي يزيحه.
وبالتالي، إذا كان الجسم المغمور أقل كثافة من الماء، فإنه يطفو والعكس صحيح.
النتيجة الثانية هي أن هذه الدافعة ستكون أكبر
بالنسبة للسوائل الأكثر كثافة بسبب الملح على سبيل المثال، مثل مياه البحر المالحة، وبالفعل
فإن كثافة الماء رهينة بمحتواه من الملح. بالنسبة للمياه العذبة، تبلغ
الكثافة 1 بينما تبلغ كثافة مياه البحر 1.025 في المتوسط. وبالتالي، فإن جسمًا ما
يطفو بشكل أفضل في مياه البحر، وهو الأمر نفسه بالنسبة للماء البارد. لأنه أكثر
كثافة من الماء الساخن، وبالتالي يطفو جسم المرء فيه بشكل أفضل.
لماذا تطفو النساء أفضل من الرجال
جسم الإنسان أكثف قليلاً من الماء، سواء كان
هذا الماء عذب أو مالح. هذا يعني أنه يجب أن يغرق. ولكن بفضل الهواء الموجود في رئتيه، تتناقص
كثافة جسمه بدرجة كافية بحيث يمكن له أن يطفو.
أما بالنسبة لسبب طفو النساء أفصل من الرجال فهو يرجع الى البنية الجسمية. في الواقع، كثافة العظام لكلا الجنسين متساوية. لذلك علينا أن نأخذ الباقي في الاعتبار. وهنا
نجد التفسير. حيث يتكون جسم المرأة في المتوسط من 23٪ دهون و 28٪ عضلات. أما لدى
الرجل فنجد 15٪ دهون و 35٪ عضلات. والخلاصة أن كثافة جسم المرأة أقل من كثافة جسم
الرجل. لذلك تطفو النساء أفضل من الرجال.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت أرجل أو سيقان الرجل تغرق بسهولة أكبر لأسباب تتعلق بالكثافة دائما، فإن توزيع الدهون في جسم المرأة، المتمركز في الصدر
والأرداف والفخذين، يضمن لها طفوًا أفضل.