كل إنسان له رائحة جسم طبيعية تميزه. لكنه بالكاد يدرك ذلك، لأنه في معظم الأوقات، لا يلاحظ هذه الرائحة. كيف نفسر عدم الحساسية لرائحتنا هذه، وكذلك للروائح الأخرى المألوفة ؟
رائحة جد مألوفة
تنشط جزيئات الروائح، التي تحيط بنا، ملايين مستقبلات معينة داخل الأنف. بعد تحليلها بواسطة الدماغ، تتحول الرسائل الصادرة منها إلى روائح متعددة. فلماذا لا تعمل هذه الآلية عندما يتعلق الأمر برائحتنا، رائحة جلدنا أو أنفاسنا ؟
وفقًا للعلماء، الأمر يعود إلى ظاهرة تكيف حاسة الشم.
بعبارة أخرى، كانت هذه الرائحة معنا لفترة طويلة، منذ ولادتنا، بحيث
أصبحت المستقبلات الشمية أقل حساسية لها مع مرور الوقت.
طريقة لتجنب الخطر
مثل هذه الآلية لا تنطبق فقط على رائحة الجسم. بل على الروائح الأخرى التي تندرج ضمن هذه الفئة من الروائح المألوفة التي، على مر الأيام، ينتهي بنا الأمر إلى عدم إدراكنا لها، أو على الأقل، نصبح أقل حساسية لها. وهكذا، نصير أقل حساسية للرائحة التي تفوح من بيتنا أو للعطر الذي وضعناه لساعات، خاصة إذا كان هو نفسه الذي نضعه منذ أسابيع.
إن الوقت اللازم لتلاشي رائحة مألوفة، على الأقل بالنسبة لحواسنا، يعتمد أولاً وقبل كل شيء على شدة هذه الرائحة. لكنها تختلف أيضًا حسب حالتنا النفسية. إذا كنا جائعين، على سبيل المثال، سوف نشم رائحة الشواء لفترة أطول.
إذا كانت روائح معينة تتلاشى، فهذا بلا شك يرجع إلى آلية تطورية. في الواقع، من خلال تقليل شم الروائح المألوفة، يمكننا بسهولة إدراك تلك التي يمكن أن تحذرنا من خطر محتمل. وبالتالي يمكننا، على سبيل المثال، شم رائحة تسرب الغاز بسرعة أكبر. آلية التكيف هذه ليست محصورة في حاسة الشم. بل نجدها أيضا في الحواس الأخرى، ولا سيما حاسة السمع. وهي التي تسمح للأشخاص الذين عاشوا لفترة طويلة بالقرب من محطة أو مطار أن يكونوا أقل حساسية للضوضاء التي تصدر من هذه الأماكن.