خلال الفصل الحار، يصعب علينا مقاومة الرغبة في شرب الماء البارد أو حتى الماء المثلج. على الرغم من أن الماء البارد يخلق لدينا شعورا بالارتواء، إلا أن شرب الماء البارد جدًا لا يروي العطش بل إنه قد يسبب بعض المشاكل المزعجة.
شعور كاذب بالارتواء
يمنحنا شرب كوب من الماء المثلج شعوراً بالإرتواء. لكن هذا مجرد شعور كاذب. في الواقع، يشل الماء البارد المستقبلات التي ترسل إلينا إشارات عندما يعاني جسمنا من الجفاف. لذلك نشعر بأننا شربنا كمية كافية من الماء، وهذا ليس صحيحًا. بالإضافة، فالماء المثلج يسبب انطباعًا خادعًا بالانتعاش مما يؤدي، مرة أخرى، إلى تضليل الجسم. ينخدع هذا الأخير بهذه المعلومات الكاذبة، فيقلل من إفراز العرق، مما يمنعه من تبريد نفسه.
أخيرًا، الشعور بالانتعاش الذي نشعر به عند شرب
الماء المثلج لا يدوم طويلًا. في الواقع، يقوم الجسم، الذي تلقى هذا البرد المفاجئ، بإنتاج المزيد من الحرارة للتصدي له. وبسرعة، نشعر بالسخونة من جديد أكثر من ذي قبل !
الآثار المزعجة الناتجة عن شرب الماء المثلج
لا يقتصر الأمر على أن الماء المثلج لا يروي عطشنا فحسب، بل يمكن أن يسبب بعض الإزعاج أيضًا. فشرب الماء المثلج، ينتج عنه شعور بوخز في الأسنان، خاصة إذا لم يكن المينا صلبا جدًا.
من ناحية أخرى، إذا تم شرب الماء المثلج أثناء تناول الطعام، يمكن أن يسبب بعض المشاكل في الجهاز الهضمي. حيث يُبرد الطعام الذي تم تناوله ويجمِّد الدهون، وبالتالي تصعب عملية الهضم.
يؤدي الشرب المتكرر للماء المثلج أيضًا إلى
تكون المخاط، تماما كما يحدث في فصل الشتاء. يمكن أن يؤدي هذا، حتى ولو كان الفصل صيفا، إلى الاصابة بنزلات البرد أو الأمراض المماثلة.
أخيرًا، يمكن أن يساهم الماء المثلج في حدوث الصداع المفاجئ والعابر. تسمي هذه الظاهرة، التي لا تزال أسبابها غير معروفة، ’’تجمد الدماغ‘‘ أو (brain freeze).
لذلك، هل يجب تبني عادة شرب الماء الفاتر في الصيف كما يفعل الصينيون ؟ لأن هذا من شأنه أن يجعل حرارة الجسم الداخلية مستقرة.
الحليب أفضل من الماء في ترطيب الجسم ؟
كما قلنا، في فترات ارتفاع درجات الحرارة أو موجات الحرارة، لا ينصح بشرب الماء المثلج. يفضل الماء في درجة حرارة الغرفة. تؤثر الصدمة الحرارية الناتجة عن الماء شديد البرودة على الجسم وتسبب خللاً في التوازن. فتكون ردة فعل الجسم هي إنتاج الطاقة لاستعادة درجة حرارته البالغة 37 درجة، مما يقطع عملية التعرق والتي كانت تستخدم للتخلص من الحرارة. لذا فشرب الماء البارد يأتي بنتائج عكسية.
ينصح الخبراء لإبقاء الجسم رطبًا في الصيف بشرب الماء بدرجة حرارة الغرفة أو حتى الحليب. حيث أظهر باحثون اسكتلنديون من جامعة سانت أندروز في دراسة نشرت في "المجلة الأمريكية للتغذية السريرية" أن الحليب منزوع الدسم كان أكثر المشروبات ترطيبًا للجسم (قبل الماء) بفضل اللاكتوز والبروتين والصوديوم والدهون. كل هذه العناصر مجتمعة تمنحه مفعول ترطيب أكثر فعالية من الماء.
هل نحتاج حقًا إلى شرب 1.5 لتر من الماء يوميًا ؟
شرب كمية كافية من الماء ضروري لتجديد المياه التي يتخلص الجسم منها يوميًا. لكن هل يجب إجبار أنفسنا على شرب 1.5 لتر من الماء كما نسمع كثيرًا ؟ هذا الرقم، في الواقع، ليس من العلم في شيء.
عادة ما نسمع أنه يجب علينا شرب 1.5 لتر من الماء يوميًا، أي حوالي ثمانية أكواب من سعة 200 مل، حتى لو لم نكن نشعر بالعطش. تستند هذه الملاحظة إلى مبدأ أننا نتخلص من حوالي لترين من الماء يوميًا، من خلال البول والتعرق والتنفس. مع الأخذ في الاعتبار الأطعمة التي توفر حوالي 0.5 لتر من الماء، فإن احتياجاتنا اليومية ستصل إلى 1.5 لتر.
تنظم الكلى بشكل طبيعي توازن الماء
هذا الرقم لا يعني شيئًا على الإطلاق. لأن الاحتياجات من الماء تختلف حسب حجم جسم الفرد أو عمره أو نشاطه البدني أو درجة الحرارة الخارجية أو الطعام الذي يتناوله. ومن المنطقي أن تكون احتياجات الشخص النحيف والصغير الحجم أقل من احتياجات الشخص الأكبر حجمًا. في بعض دول أوربا، يوصي الخبراء بشرب 30 مل لكل كيلوغرام من وزن الجسم (بالإضافة إلى الماء الموجود في الطعام)، و0.5 لتر من الماء الإضافي لكل درجة فوق 38 درجة مئوية.
لكن حتى هذه التوصية يجب أن تؤخذ بحذر. لأن أجسامنا في الواقع قادرة على التكيف مع استهلاك الماء، وذلك بفضل الكلى التي ستضبط كمية البول المنتجة وتركيز الأملاح المعدنية (الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم ...). عندما يكون فقد الماء أكبر الذي يدخل الجسم، ينخفض التركيز الأسموزي في البلازما وستحتفظ الكلى بالمياه بشكل طبيعي. ثم يتم تنشيط آلية الشعور بالعطش عن طريق تحفيز مراكز العطش الموجودة في منطقة ما تحت المهاد.
الإفراط أو التفريط في شرب الماء : ما هي العواقب ؟
هل الإفراط في شرب الماء أمر خطير حقًا ؟ في الواقع، يجب استهلاك أكثر من 10 لترات من الماء يوميًا للتسبب في عواقب وخيمة على الصحة، وهي عتبة نادرًا ما يتم الوصول إليها. لكن الاستهلاك المفرط للماء يمكن أن يسبب أيضًا مشاكل في النوم، لأنه يجبرك على الاستيقاظ كثيرًا في الليل للذهاب إلى المرحاض.
في المقابل، يمكن أن يؤدي الجفاف إلى مشاكل خطيرة : الدوخة، والصداع، وانخفاض ضغط الدم، والاضطرابات المعرفية أو حتى فقدان الوعي. فقدان أكثر من 10٪ من الماء، يمكن أن يكون قاتلاً. يساعد شرب كمية كافية من الماء أيضًا على منع حصوات الكلى والتهابات المسالك البولية والإمساك.
باختصار، ما لم تكن لديك مشكلة صحية معينة، فإن كمية المياه التي تحتاج شربها كل يوم هي الكمية التي تشعر أنك بحاجة إليها. يجب أن تعلم أيضًا أن إشارة العطش تظهر بشكل خاص أثناء تناول الوجبات. لذلك احرص على شرب كمية كافية من الماء إذا كنت تتبع حمية غذائية.
هذه الحركة البسيطة بإصبعيك ستشير لك ما إذا كنت تشرب كمية كافية من الماء !
لا يمكن التقليل من أهمية للجسم للبقاء رطبًا. الماء ضروري ليعمل هذا الأخير بشكل صحيح، ولكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب معرفة ما إذا كنا نشرب ما يكفي من الماء. لحسن الحظ، هناك حيلة بسيطة وذكية لتقييم مستوى الماء في الجسم : قرصة أو شد الجلد بالإصبع. هذا ما أوضحه الدكتور "كاران راجان"، جراح وأستاذ في (إمبريال كوليدج) في لندن، في مقطع فيديو نشره على حسابه على منصة تيك توك.
شد أو قرص الجلد بالإصبع : مؤشر موثوق لتقييم جفاف الجسم
يُعد قرص أو شد الجلد بالإصبع أسلوبًا يجهله الكثيرون ولكنه مفيد جدًا لتقييم مستوى ترطيب الجسم. إليكم الطريقة :
- قم بقرص أو شد الجلد بلطف : اختر أحد أصابعك، ويفضل أن يكون على اليد غير المسيطرة، وقم بشد برفق الجلد الموجود على ظهر إصبعك، بالقرب من مفصل الظفر.
- راقب ردة فعل الجلد : استمر في الشد لبضع ثوان، ثم اتركه. راقب الجلد بعناية. إذا عاد على الفور إلى شكله الطبيعي، فهذا يدل على ترطيب جيد. وفي المقابل، إذا ظل الجلد متجعدًا أو عاد الى شكله ببطء، فقد يكون ذلك علامة على الجفاف.
ماذا يقول العلم في طريقة شد الجلد ؟
الجلد مؤشر موثوق على مدى ترطيب الجسم. عندما يكون هذا الاخير رطبا بما يكفي، تتمتع البشرة أو الجلد بمرونة طبيعية تسمح له بالعودة بسرعة إلى شكله الطبيعي بعد قؤصه أو شده. وفي المقابل، في حالة الجفاف، يفقد الجلد مرونته بسبب انخفاض حجم الماء في الجسم، والذي يتجلى في عودة أبطأ إلى حالته الأولية.