لماذا يشكل الباراسيتامول خطرا على الصحة ؟

 

الباراسيتامول هو مسكن آلام وخافض حرارة شائع، يستخدم لعلاج العديد من الحالات مثل الصداع، وآلام العضلات، وآلام الأسنان، والحمى. يعمل عن طريق تقليل إنتاج البروستاجلاندين في الدماغ، مما يساعد على تخفيف الألم. يُعتبر الباراسيتامول آمنًا عند استخدامه بالجرعات الموصى بها، ولكنه يمكن أن يسبب تلفًا للكبد إذا تم تناوله بجرعات زائدة. يتوفر الباراسيتامول في شكل أقراص، شراب، وحقن، ويُعتبر خيارًا مناسبًا للبالغين والأطفال على حد سواء. يُنصح دائمًا بمراجعة الطبيب قبل استخدامه، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد أو يتناولون أدوية أخرى.

يُعتبر (الباراسيتامول) أحد الأدوية الرائدة في خزانات الأدوية في العالم بأسره. ويُباع هذا الدواء حتى بدون وصفة طبية تحت اسماء تجارية متعددة.  وقد يشكل هذا المُسكن خطرا أو حتى التسبب في الموت.


في الواقع، يتم استقلاب (الباراسيتامول) في الجسم إلى (N-acetyl-p-benzoquinone imine)، وهو جزيء سام جدا. وعادة ما يتم التخلص من هذه المادة من قبل الكبد الذي من إحدى وظائفه الأساسية إزالة السموم من الجسم والمواد الضارة بالصحة. ولكن في حالة الإفراط في تناول الباراسيتامول، لا يعود هذا العضو قادرا على أداء دوره وبالتالي يتراكم الجزيء السام (NABQI). والنتيجة هي حدوث فجائي وسريع لالتهاب الكبد اللفائي.

 

الجرعة الزائدة ليست هي السبب الوحيد لفشل الكبد. قد يؤدي الاستهلاك الكبير للكحول مع (الباراسيتامول) أيضا إلى حدوث خلل وظيفي في الكبد. ومن المهم أيضا تجنب تناول أدوية أخرى مثل Fervex و Actifed مع الباراسيتامول في نفس الوقت. لأن هذه الأدوية وغيرها التي تُوصف ضد نزلات البرد والانفلونزا تحتوي على الباراسيتامول ويمكن للمريض بعد ذلك، دون علم منه، أن يتجاوز بسرعة الجرعة الموصى بها ويتسبب في تخريب كبده بشكل نهائي.

 

إن الافراط في تناول (الباراسيتامول) وراء معظم عمليات زراعة الكبد. وقد ثبت أيضا أنه يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية والربو لدى الأطفال.

 

الغثيان والقيء والتعب الشديد هما أول أعراض التسمم بالباراسيتامول. والألم في الجانب الأيمن من البطن يمكن أن يكون مؤشرا أيضًا على احتمالية تسمم الكبد.

 

تُوصي السلطات الصحية بعدم تجاوز 3 إلى 4 غرامات من (الباراسيتامول) يومياً، ويجب ألا تتجاوز كل جرعة من هذا المسكن 1 غرام، متباعدة من 4 إلى 6 ساعات. أما بالنسبة للأطفال، فمن المستحسن ضبط الجرعة اليومية في 60 ملغ لكل كيلوغرام، وينبغي تعديل هذه الجرعات عند الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول أو المرضى الذين يعانون من مشاكل في الكبد أو فقدان الشهية.

 

في حالة التسمم بالباراسيتامول، هناك علاجات، ولكن لا بد من أخذها بأسرع وقت ممكن. ومن بينها الفحم النشط الذي له القدرة على امتصاص المواد السامة من الجسم قبل أن تؤثر على الكبد. ولكن أصبح الـ Acetylcysteine هو الترياق الأكثر استعمالا. فهذا الأخير يعزز انتاج (الجلوتاثيون)، وهو جزيء ينتجه الكبد، حيث يقوم بتفكيك الجزيء السام (NABQI).

 

وللاشارة فقط، فالتأثير المُسكن للباراسيتامول تم اكتشافه من طرف (يوليوس أكسلرود) في عام 1948.


مخاطر نقص (الجلوتاثيون) في الجسم

قد تكون لديك نسبة مخاطر التسمم بالباراسيتامول مرتفعة، دون أن تدرك ذلك. وهذا الأمر يكون في الحالات الأتية :


  • إذا كنت تتناول أدوية أخرى لأنه يمكنك أن تتجاوز الحد الأقصى اليومي من الجرعة (4 غرامات) دون أن تدرك ذلك !
  • إذا كنت تعاني من أمراض أخرى مثل مرض السكري من النوع 2 أو مشاكل في الرئة أو القلب ...
  • إذا كنت تعاني من نقص، خاصة في الفيتامينات أ ، ج ، هـ (A, C, E)؛
  • إذا كنت متوترًا أو قليل الحركة أو على العكس من ذلك، تبدل مجهود كبير؛
  • إذا كنت تستهلك الكحول أو تدخن أو تتعرض للملوثات؛
  • إذا كنت تعاني من سوء التغذية أو إذا كنت تمارس الصيام بشكل منتظم.


لأنه في كل هذه الحالات، يكون لديك خطر متزايد للإصابة بنقص (الجلوتاثيون).


ومع ذلك، فإن (الجلوتاثيون) وهو مضاد أكسدة قوي، والذي ينتجه الجسم بشكل طبيعي، ضروري للغاية للتخلص بشكل صحيح من أحد جزيئات الباراسيتامول السامة، (NAPQI).


عندما تتناول الباراسيتامول، فإن جسمك سوف يمتصه. ثم ينتقل إلى الدم حيث يبقى لمدة ساعتين تقريبًا. ثم يتم استقلابه إلى "فضلات"، ويكون جاهزًا للتخلص منه في البول. هكذا تصير الأمور بنسبة 95 ٪ في معظم الحالات، باستثناء الجزيء السام  (N-acetyl-p-benzoquinone-imine) أو المعروف باختصار (NAPQI).


هنا يأتي دور (الجلوتاثيون) لمنع تراكم الكثير من (NAPQI)، وإلحاق الضرر بالكبد والكلى بشكل لا يمكن إصلاحه في كثير من الأحيان.


ومع ذلك، فابتداءاً من سن الخمسين، يتراجع مخزون الجسم من (الجلوتاثيون). لحسن الحظ، هناك طريقة بسيطة للغاية لإعادة شحن (الجلوتاثيون) بشكل طبيعي :


إنه الحمض الأميني، الذي يحفز انتاج (الجلوتاثيون) ويسمى (N-acetyl-cysteine)، أو باختصار (NAC). يمكن العثور عليه بسهولة في شكل كبسولات كمكمل غذائي.


لذلك يمكنك تناول (NAC) على شكل :


  • جرعة أولية 140 ملغ / كلغ (إذا كنت تعتقد أنك تناولت الكثير من الباراسيتامول، حتى 5 ساعات بعد الابتلاع)؛
  • جرعات معززة 70 ملغ / كلغ كل 4 ساعات لمدة 72 ساعة.


كيف تحصل على (الجلوتاثيون) من الطعام ؟

  • يمكنك أن تؤمن بشكل طبيعي احتياطياتك من (الجلوتاثيون) عن طريق تناول الطعام النيء والمتنوع والموسمي قدر الإمكان، مع اتباع النظام الغذائي الذي تشتهر به ساكنة البحر الأبيض المتوسط​​، وهو أفضل نظام غذائي لزيادة تخليق هذا الحمض الأميني؛
  • تناول فيتامين (C) بانتظام لأنه يساعد في امتصاصه ويزيد من فعاليته : ضع الأعشاب العطرية أو الكرنب أو التوت في قائمة طعامك. لأن هذه الأخيرة تمنع استنزاف الجلوتاثيون.
  • قم بتتبيل أطباقك بالكركم وبضع شرائح من الزنجبيل الطازج؛
  • تناول حبوب الكتان، بذور اللفت، الجوز : لتعزيز مخزونك من أوميغا 3؛


الأهم من ذلك كله، تذكر أن (الباراسيتامول) ليس دائما الحل الأفضل للحمى، التي تساعد الجسم على محاربة العدوى.


بالنسبة لإنسان بالغ يتمتع بصحة جيدة (غير مصاب بالصرع على وجه الخصوص)، يمكنه ترك الحمى ترتفع إلى 39.5 / 40 درجة مئوية. يجب فقط التزود بما يكفي من الماء للإبقاء على الجسم رطبا.


تنبيه : كل المعلومات الواردة في المقال هي بغرض تقديم المعلومة لا غير ! ينصح بشدة استشارة طبيب مختص في حالة الإصابة بالحمى أو المرض.