عندما يتم تبني حمية غذائية صارمة بغرض إنقاص الوزن، يحاول الجسم البحث عن مصدر طاقة ليعمل بشكل سليم. يلجأ إلى أول مخزون احتياطي : الجليكوجين في الكبد، وهو مخزون من الكربوهيدرات التي تشكل (الوقود) الأساسي للجسم. في كل يوم، يستهلك جسمنا 60٪ منه، لكن يعاد بناءه مع كل وجبة. ما لم يتبع المرء نظامًا غذائيًا يستهدف الكربوهيدرات، بحيث يمنع عن نفسه جميع مصادر السكريات تقريبًا. في هذه الحالة، لا يمكن تجديد مخزون الجليكوجين. لكن هذا لا يكفي لإنقاص الوزن : لأن الجليكوجين يزن بالكاد 100 غرام لدى رجل بالغ يبلغ وزنه 70 كلغ ! إذن من أين تأتي الكيلوغرامات التي تنقص في الأيام القليلة الأولى من رجيم أو حمية التخسيس ؟ في الواقع، إنه الماء الذي يأتي من الطعام. لأنه في هذه الحالة يقلل المرء من الطعام وينسى تعويض هذا النقص في الماء بشرب المزيد من الماء. وبما أن الجسم يتكون من 70٪ من الماء، فأدنى نقص يظهر في وزن الجسم.
ماذا يحدث في الجسم عندما تحرم نفسك من الطعام ؟
عند التقليل من تناول السكريات، ينخفض مستوى الجلوكوز في الدم. فيؤدي هذا النقص بسرعة إلى إفراز هرمونات معينة (الأنسولين والجلوكاجون)، التي ترسل إشارة إنذار : يجب الحافظ على العضو الأكثر أهمية ( الدماغ ) وتزويده بالطاقة اليومية التي يحتاجها (120 غرام من الجلوكوز أثناء الراحة). وفي هذه الحالة تقوم العضلات بالبحث عن طاقتها في مكان آخر، في الأنسجة الدهنية.
عندها فقط يبدأ نظام الحمية في حرق الدهون. أو بالأحرى "إفراغ" الخلايا الشحمية من الدهون الثلاثية، لأن عدد الخلايا الشحمية، التي يتم اكتسابها في الطفولة والمراهقة، لا يتناقص أبدًا. ومن ناحية أخرى، عندما نكتسب الوزن، "تمتلئ" الخلايا الدهنية أو الشحمية... وتتراكم الشحوم على مستوى البطن. والأسوأ من ذلك، أنها ترسل إشارات للحث على تناول الطعام عند وصول التفريغ الى عتبة معينة : لأن جسم الإنسان مبرمج وراثياً للدفاع عن احتياطياته الدهنية، فهو لا يستطيع التفريق بين حمية غذائية وآفة المجاعة؛ لذلك لايستطيع المرء الاستمرار في حمية التخسيس لوقت طويل.
معلومة على الهامش : عقار للتخسيس أم عقار للطهي !
كان (2،4-Dinitrophenol (DNP)) يستخدم كعقار لإنقاص الوزن في عشرينيات القرن الماضي، وأصبح استخدام هذا المركب الكيميائي شائعًا بسبب النتائج المذهلة التي حققها. ومع ذلك، في عام 1938 تم حظر العقار بسبب عدد الوفيات التي تسبب فيها.
يمنع عقار (DNP) الجسم من إنتاج ثلاثي الفوسفات (triphosphate)، الذي يساعد على إنتاج الطاقة. نتيجة لذلك، يبدأ الجسم في حرق الدهون في محاولة طارئة للحصول على الطاقة. فيحاول تغيير التمثيل الغذائي بسرعة كبيرة بحيث إذا تناول المرء الكثير من DNP، سترتفع درجة حرارة جسمه بشكل مفرط وسيبدأ في التعرق بغزارة. ويمكن أن تصل درجة حرارته الداخلية إلى 106 درجة فهرنهايت (42 درجة سلسيوس)، ما يعني أن أعضاءه الداخلية ستطهى بكل ما تحمل الكلمة من معنى وسيموت.