تتمتع الموسيقى دائمًا بالقدرة على إثارة المشاعر العميقة ولمس النفوس. من بين الأغاني التي ميزت تاريخ الموسيقى، معزوفة "الأحد الكئيب"، المعروف أيضًا باسم "Szomorú Vasárnap". اكتسبت هذه الأغنية المجرية، التي ألفها Rezs Seress من كلمات László Jávor، شهرة خاصة بسبب ارتباطها المزعوم بسلسلة من حالات الانتحار. سنلقي الضوء، في هذا المقال، على تاريخ والتأثير الغامض لهذه المعزوفة الشهيرة.
قام مؤلف (مجرّي) اسمه (ريزو سيريس) بتأليف لحن موسيقي درامي مرعب. وقد اشتهرت هذه المعزوفة بأنها تدفع أولئك الذين يستمعون إليها إلى الاكتئاب، بل وحتى إلى الانتحار !
خلال الحرب العالمية الثانية، كان الناس يشعرون بإحباط وإكتئاب شديد. وقد دفعت فترات البؤس هذه العديد من الأشخاص الى الانتحار للفرار من المعاناة التي خلفتها أزمة الحرب. تقول الأسطورة أن مائة شخص قتلوا أنفسهم أثناء الاستماع إلى هذه المعزوفة الموسيقية ! وعند العدد مئة يمكننا أن نبدأ الحديث عن ما يعرف بظاهرة الانتحار الجماعي في مجتمع ما.
وقد ربط البعض بين موجة الاانتحار هذه وشعبية هذه المعزوفة الكئيبة التى انتشرت في البلاد. ومن غريب الصدف أن يلقي ملحن هذه الموسيقى نفسه من النافذة.. ورغم نجاته فقد خنق نفسه في المستشفى.
هذه المعزوفة تدعى ’’ الأحد الكئيب ‘‘ أو (Gloomy Sunday) باللغة الإنجليزية. ولحنها عميق وبطيء للغاية، حيث يذكرنا بموسيقى (فريدريك شوبان) (موكب الجنازة) أو (the Funeral March). لحن هذه المعزوفة مشبع بالحزن العميق والكآبة المؤلمة، مما ساهم في قوة تأثيرها على المشاعر. ترتبط الكلمات التي كتبها الشاعر المجري (لازلو جافور) بآلام الانفصال والوحدة، مما عزز الشعور المظلم الذي تنقله الموسيقى.
داع صيت هذه المعزوفة ذات اللحن ’’ الشاذ ‘‘ في أنحاء البلاد وانتشر الرعب بين الناس في ذلك الوقت لدرجة أنه تم حظرها بسبب تأثيرها السلبي على نفسية الناس. كان المواطنون خائفين جدا من الاستماع لهذه الاغنية. لقد منعوا هذه الموسيقى في دولتهم لإنقاذ الأرواح. وكانت وسائل الإعلام تحذر بشدة الناس من الاستماع إلى هذا اللحن المميت.
بسبب المخاوف بشأن الصلة المزعومة بين معزوفة "الأحد الكئيب" وحالات الانتحار، اتخذت عدة دول خطوات لحظر أو تقييد بث الأغنية. في عام 1936، منعت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) الأغنية من البث، مشيرة إلى مخاوف حول الصحة العقلية العامة.
على الرغم من أن أسطورة الانتحار ساهمت في شهرة موسيقى "الأحد الكئيب"، إلا أنه لم يتم تقديم دليل قوي على الإطلاق لدعم هذه الادعاءات. الأسباب الكامنة وراء الانتحار متعددة العوامل ومعقدة، وعزو هذه المآسي إلى أغنية معينة سيكون أمرا سخيفا.
وعلى الرغم من الجدل والخوف الذي حام حول هذه الأغنية، استمرت معزوفة "الأحد الكئيب" في جذب انتباه المستمعين حول العالم. قام العديد من الفنانين بإعادة غناءها وتم تكييفها إلى لغات مختلفة، مما ساهم في جعلها أغنية عالمية خالدة. كما قام موسيقيون مشهورون مثل Billie Holiday بتسجيل نسختهم الخاصة من الأغنية، مما أضاف بُعدًا جديدًا لإرثها الموسيقي.