لاشك أنكم قد سمعتم عن البكتيريا المقاومة : التي، بعد أن اكتسبت طفرات جينية، أصبحت لديها القدرة على التكاثر دون أن تتأثر بالمضاد الحيوي. وللتخلص منها، يجب أخذ مضاد حيوي آخر. لكن في الآونة الأخيرة، هناك خطر آخر بدأ يقلق الأطباء : وهذه المرة ليست البكتيريا المقاومة، بل البكتيريا ’’الباقية‘‘..
أن يوجد الاختلاف ؟ بينما تتمكن البكتيريا المقاومة من التكاثر في ضل وجود مضاد حيوي، فإن البكتيريا الباقية تكتفي بالبقاء على قيد الحياة، دون التكاثر، ولا تستأنف تكاثرها إلا بعد اختفاء المضاد الحيوي. لكن في كلتا الحالتين، ستتطور العدوى ..
في عام 1942، أظهرت الأمريكية ’’ جلاديس هوبي‘‘ أن عدوى المكورات العقدية عادت إلى
الظهور حتى بعد العلاج القوي بالبنسلين. ويعتقد الباحثون أن البكتيريا الباقية قد توقفت
مؤقتًا عن الانقسام والتكاثر، مما سمح لها بالنجاة من المضادات الحيوية.
في الواقع، تعمل معظم المضادات الحيوية عن طريق
منع عمل الآليات الضرورية لنمو وتكاثرالبكتيريا. لكن إذا دخلت بعض البكتيريا في حالة سبات أو كمون، فإن المضاد الحيوي يخطئ هدفه وبالتالي لا يمكنه تدميرها. ولكن كان يجب الانتظار حتى عام 2004، حيث ظهرت تقنيات متطورة تكشف عن البكتيريا
وتصورها وتعزلها على نطاق فردي بأحجام صغيرة وعلى مدى فترة طويلة. وقد لاحظ الباحثون لأول
مرة البكتيريا ’’الباقية‘‘ داخل مجموعة بكتيرية تتطور في ظل ظروف متطابقة، وفي حالة عدم وجود مضاد حيوي في وسط الزرع، يمكن للبكتيريا أن توقف نموها
بشكل مؤقت. فيتولد عن ذلك نوعان من البكتيريا، واحدة تستمر في الانقسام بمعدل طبيعي، والأخرى،
في مجموعة صغيرة جدًا، تدخل في سبات، وتستمر في البقاء.
استراتيجية دفاع للبقاء على قيد الحياة
يبدو أن وجود بكتيريا كامنة داخل مجموعة من
البكتيريا التي تتكاثر بمعدل طبيعي ينمّ عن إستراتيجية وقائية : يمكن لقليل من البكتيريا أن تنجوا إذا أصبحت ظروف عيشها، فجأة، صعبة للغاية.