عندما تنظر إلى عجلات سيارة تسير بسرعة معينة، يُهيأ لك، أحياناً، أنها تدور في الإتجاه المعاكس، مع أن السيارة مستمرة في السير نحو الأمام ! في الحقيقة، هذه الظاهرة الغريبة هي ببساطة وهم بصري. و سببها هو طبيعة الرؤية عند البشر، وقد تم ملاحظتها أول مرة في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
في الواقع، عندما نرى العجلات وكأنها تدور إلى الخلف، بينما السيارة تسير إلى الأمام، فإن أعيننا هي التي لاتستطيع إدراك الحركة المستمرة. لذلك، لا نرى حقًا دوران هذه العجلة في حركتها المستمرة. لأن البصر يكسر هذه الحركة من خلال إلتقاط صورةً تلو صورة. وبالتالي، لا تتم رؤية هذه الصور وهي تتابع بشكل أسرع، حيث هناك فاصل زمني قصير جدًا، بضع عشرات من الملي ثانية، يفصل بين الصورة والأخرى.
السر إذا هو في سرعة الحركة. فإذا
كانت السيارة لا تسير بسرعة كبيرة، فإن العين يكون لديها الوقت لتسجيل جميع مراحل الحركة.
فنستطيع تمييز جميع مراحل حركة العجلات بترتيبها الطبيعي. وبالتالي نراها تدور في
الاتجاه الصحيح.
ولكن، إذا كانت السيارة تسير بسرعة، في الوقت الذي تكون فيه العين قد إلتقطت فقط الصورة الأولى للعجلة، وقبل أن تتمكن من التقاط الصورة التالية تكون العجلة قد قامت بدورة كاملة تقريبًا (لا تستطيع العين البشرية التمييز بين الحركة المستمرة، تلتقط فقط عدد محدود من الإطارات في الثانية، عادة حوالي 12 إطارًا في الثانية). ثم يسجل الدماغ الرسالة التي تنقلها العين في الاتجاه الذي يبدو منطقيًا أكثر بالنسبة له، أي الإتجاه الأقصر. ونظرًا لأن العين لم تتمكن من تسجيل حركة العجلة بالكامل، فإن الدماغ يترجم هذه الحركة على أنها حركة في اتجاه الخلف.
ونفس الوهم البصري يحدث عند النظر إلى دوران مروحة لعبة طائرة هليكوبتر. حيث إذا كانت المروحة تدور بسرعة معينة، فسيكون لدى الناظر انطباع بأنها تدور في الاتجاه المعاكس، بوتيرة أبطأ بكثير. وإذا زادت سرعة دوران المروحة، فسيتعدر علينا إدراك حركة المروحة.
هل هناك طرق لتقليل هذا التأثير البصري أو إزالته ؟
لا توجد طريقة لتقليل التأثير البصري الذي يجعل العجلات تظهر وكأنها تدور للخلف أو إزالته تمامًا. ومع ذلك، من الممكن تقليل التأثير عن طريق زيادة معدل تحديث الإطار (image refresh rate). في الواقع، كلما زاد معدل التحديث، قل ادراك العين لتأثير ثبات الصورة على الشبكية (Persistence of vision). يمكن تحقيق ذلك باستخدام كاميرات عالية السرعة (High-speed camera) أو زيادة معدل تحديث الشاشة. ومع ذلك، في الحياة الواقعية لا يمكن التحكم في معدل تحديث ما نراه. في النهاية، من المهم أن نتذكر أن هذا التأثير البصري هو وهم وأن العجلات تدور فعلا في اتجاه حركة السيارة.