قبل معرفة الجواب عن هذا السؤال دعونا، أولا، نعرف كيف يتم بناء العضلات ؟
لا تزال الإجابة على هذا السؤال غير واضحة تماما حتى اليوم. فعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي، لم يستطع الباحثون الى الآن تحديد، بدقة، جميع العوامل التي تساهم في عملية بناء ونمو العضلات.
لقد قام العلماء بطرح العديد من النظريات، مثل نظرية التمزقات الدقيقة (micro trauma). ووفقًا لهذه الأخيرة، فإن تضخم العضلات ناتج عن سلسلة من التمزقات الصغيرة التي تؤدي إلى زيادة حجم الألياف المكوِّنة للعضلات. فمن خلال التمرين، نتسبب في حدوث تمزق في الألياف. ثم يقوم الجسم بإصلاح هذه التمزقات عن طريق بناء ألياف جديدة وسميكة وأقوى لجبر الضرر ومقاومة أضرار جديدة. في الواقع، تحدث هذه العملية (بناء وتجديد الأنسجة) بشكل طبيعي حتى عندما لا نمارس الرياضة. ولكن مع الرياضة، يتم تعزيز هذه العملية، مما يؤدي إلى بناء أكبر للعضلات.
النظريات الأخرى
وهذا ما يفسر سبب نمو العضلات لدى الرجال أكثر من النساء. ومع ذلك، فإن العوامل الأخرى مثل الوراثة تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا. واختلاف الألياف العضلية من شخص لآخر، يجعل البعض لديه قابلية لممارسات رياضية معينة بخلاف البعض الآخر.
لا توجد وصفة سحرية لبناء العضلات، وتظل
ممارسة الرياضة أو النشاط البدني المنتظم الطريقة المثلى لتنمية وبناء العضلات.
بناء العضلات هو الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة الشيخوخة !
ما هي عواقب الشيخوخة ؟
تصاحب الشيخوخة مجموعة من التغيرات الهرمونية والأيضية في الجسم. بشكل عام، يحدث انخفاض في حساسية الأنسولين (يزيد خطر الإصابة بمرض السكري مع التقدم في العمر، خاصة إذا كان نمط الحياة سيئًا)، وتزداد الدهون في الجسم وتتراكم حول الأنسجة والأعضاء.
تترافق هذه التغييرات معًا مع فقدان تدريجي لكتلة العضلات الذي يبدأ من سن 35-40. والألياف العضلية الأكثر تأثراً بهذه الخسارة هي ما يسمى بالألياف "السريعة"، والتي يستخدمها الجسم بشكل خاص للقيام بمجهودات مكثفة وقصيرة.
ولكن هناك سؤال ظل حتى الآن دون إجابة : هل فقدان كتلة العضلات هو الذي يسبب التأثيرات الأيضية المذكورة أعلاه ؟ أم أن هذه التأثيرات الأيضية هي الي تسبب فقدان كتلة العضلات ؟ أم أن هاتين الظاهرتين مستقلتان ؟
رياضة بناء الأجسام لمواجهة الشيخوخة
لقد أتاح التعاون الدولي بين باحثين أمريكيين من "مايو كلينك" و "جامعة بوسطن" الطبية وباحثين يابانيين الإجابة على هذا السؤال الشهير.
باستخدام الفئران المعدلة وراثيا، تمكنوا من إثبات أن الزيادة في ألياف العضلات "السريعة" أدت بشكل متزامن إلى انخفاض في كتلة الدهون الإجمالية والدهون حول الأعضاء وزيادة في حساسية الأنسولين. وليس العكس.
وخلص الباحثون الى أن فقدان كتلة العضلات يساهم بشكل كبير جدًا في ظهور الخلل الأيضي المرتبط بالتقدم في العمر. إن التدخل لاستعادة ألياف العضلات السريعة هو وسيلة لإبطاء الشيخوخة والأمراض الأيضية المرتبطة بها.
إبدأ في بناء عضلاتك من الآن !
في هذه الدراسة نجح الباحثون في زيادة عدد الألياف العضلية بسرعة بفضل استخدام الفئران المعدلة وراثيا. لدى البشر الأمور أكثر تعقيدًا.
في الواقع، نحن نعلم أن مستويات الهرمونات البنائية مثل هرمون "التستوستيرون" أو هرمونات النمو تنخفض بدءًا من سن الثلاثين تقريبًا. هذه الهرمونات ضرورية لبناء كتلة العضلات. بالإضافة إلى ذلك، يصاحب الشيخوخة أيضًا انخفاض في كفاءة مسارات الإشارات التي تسبب نمو العضلات. ولذلك فمن الصعب بناء كتلة عضلية كبيرة بعد سن معينة.
مهما كان عمرك، يجب أن تتدرب بانتظام، الآن ودون تأخير ! لأن كل يوم يمر يصعب عليك المأمورية ويجعل بناء العضلات صعبا. ومع ذلك، بمجرد اكتساب كتلة عضلية، يصبح الحفاظ عليها أسهل بكثير.