إذا كانت الاستعدادات الجينية تلعب دورًا مهمًا في
الاصابة بمرض الزهايمر، فإن العوامل البيئية مثل النظام الغذائي قد تساهم أيضا في ظهور المرض. وهذا ما كشفت عنه بالتحديد دراسة نُشرت في مجلة (Alzheimer's and Dementia ).
في الواقع، سبق وأن أظهرت دراسات سابقة على الحيوانات أن النشا
أو السكريات المُحلية (شراب السكروز والجلوكوز والفركتوز) يمكن أن تؤدي إلى تفاقم
الأعراض المرتبطة بمرض الزهايمر وتسريع ظهور لويحات الأميلويد (amyloid plaques) في الدماغ، التي تميز
هذا المرض العصبي التنكسي.
لدى المشاركين في الدراسة الذين ليس لديهم استعداد جيني،
لم يجد فريق البحث أي علاقة بين حدوث الخرف واستهلاك السكريات في وجبات الإفطار، الغداء، وجبة المساء والعشاء.
وبشكل أدق، هذا الاستعداد الجيني مرتبط بأليل (إ4) لجين (إي ب أو إ) (corresponds to the E4 allele of the APOE gene)، المسؤول عن
ظهور مرض الزهايمر. ولدى المرضى الذين لديهم هذا الجين والذين اعتادوا على تناول
وجبة خفيفة في المساء، يصبح احتمال الاصابة بالخرف مرتين إلى ثلاث مرات أكبر.
ويبقى فهم لماذا تزداد المخاطر المرتبطة باستهلاك السكر لدى هؤلاء الأشخاص في هذا الوقت بالتحديد (وجبة المساء). ويعتقد مؤلفو الدراسة أن الأمر متعلق بمقاومة الأنسولين، وهي مشكلة مرتبطة بمرض السكري من النوع 2 وتنتج أيضا عن استهلاك السكريات.
في الواقع، الأطعمة التي يتم تناولها
أثناء الوجبات الخفيفة (في المساء) غالبًا ما تكون منخفضة الدهون والألياف ما يجعل الجسم يمتصها بشكل أسرع بكثير، مما يؤدي إلى ارتفاع الأنسولين في الدم.
ويمكن أن تؤدي ارتفاعات الأنسولين هذه، مع الوقت، في النهاية إلى مقاومة الأنسولين في أجزاء من الجسم ولكن أيضا في الدماغ (حيث يصبح الدماغ أقل
حساسية للأنسولين وأقل قدرة على استخدام الجلوكوز) عن طريق الإجهاد التأكسدي والالتهاب،
مما يؤدي الى الاصابة بالخرف.
أحد أسباب مرض الزهايمر يمكن أن يكون داخل فمك !
أشار فريق من الباحثين إلى أن مرض الزهايمر ربما يكون منشأه من بكتيريا اللثة (البورفيوموناس)، وهي بكتيريا مسؤولة عن التهاب اللثة. وقد ظهر في السنوات الأخيرة، عدد من الدراسات تشير إلى أن مرض الزهايمر ليس مرضًا بسيطًا وإنما له أصل بكتيري. وتوصلت دراسة جديدة إلى عناصر جديدة تؤكد هذا المسار: إد يبدو أن أصل هذا الاضطراب هو في البورفيوموناس اللثة، وهي بكتيريا مسؤولة عن بعض التهابات اللثة.
لدى الفئران، وجد الباحثون أن العدوى التي تسببها بكتيريا اللثة (P. gingivalis) أدت إلى زيادة إنتاج البيتا أميلويد، الترسبات التي يتميز بها مرض الزهايمر. بالإضافة إلى وجود البكتيريا نفسها ، كما أشار الباحثون أيضًا إلى أن الببتيدميات السمية العصبية لها تأثير مدمر على بروتينات "تاو"، والتي تلعب عادة دورًا في الوظيفة السليمة للخلايا العصبية.
تجارب سريرية واعدة
وقام الباحثون باتباث فعالية فئة من العلاجات عبارة عن جزيئات مثبطة للممرض. حيث قاموا بتطوير مركب يستهدف على وجه التحديد ببتيدات بكتيريا اللثة. حيث يحد من التطورالبكتيري، ويمنع إنتاج بيتا اميلويد (Aβ42) ، ويقلل الالتهاب ويحمي الخلايا العصبية في منطقة الحصين.
وتم بالفعل اختبارهذا الجزيء (في مرحلة أولى) على العديد من المرضى المسنين والأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر، وقد أظهرت نتائج اختبارات القدرات المعرفية للمرضى أن العلاج فعال في الوقت الحالي، ولكن يسعى الباحثون إلى إجراء المزيد من الاختبارات قبل طرحه في السوق.
لماذا تصاب النساء أكثر بمرض الزهايمر ؟
لا توجد إجابة بسيطة على هذا السؤال، فهناك العديد من العوامل التي قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى النساء. ومع ذلك، فيما يلي بعض التفسيرات التي تم طرحها من خلال البحث :
العمر : يزداد خطر الإصابة بمرض الزهايمر مع تقدم العمر، ومتوسط العمر المتوقع للنساء أطول من الرجال في المتوسط. لذلك، هن أكثر عرضة للإصابة بالمرض لمجرد طول عمرهم.
الهرمونات : قد تلعب الهرمونات الجنسية الأنثوية (هرمون الاستروجين) دورًا في الصحة الإدراكية، وقد يساهم انخفاض إنتاجها في فترة
انقطاع الطمث في زيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر. ومع ذلك، فقد أسفرت الدراسات حول هذا الموضوع عن نتائج متضاربة.
أمراض القلب والأوعية الدموية : النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة ببعض أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري)، والتي ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
العوامل الاجتماعية والثقافية : تميل النساء إلى شغل أدوار اجتماعية مختلفة عن الرجال، مما قد يكون له آثار على صحتهن العقلية. على سبيل المثال، النساء تعملن أكثر في مجال الرعاية الأسرية، مما قد يزيد من مستوى
الإجهاد والعبء النفسي لديهن. تميل النساء أيضًا إلى الحصول على مستوى تعليمي أعلى من الرجال، ولكن هذا قد يجعلهن أيضًا يلجن وظائف أكثر إرهاقًا.
ومع ذلك، يجب التأكيد على أن البحث حول
الفروق بين الجنسين في مرض الزهايمر لا يزال مستمراً وأن العديد من الأسئلة لا تزال بدون إجابة. إن فهم مرض الزهايمر وعوامل الخطر المرتبطة به معقد وفي تطور مستمر، والاكتشافات الجديدة يمكن أن تغير تفسيراتنا الحالية.