تتكون أجسامنا من مئات المليارات من الخلايا التي تتكون منها الأنسجة والأعضاء. وفي كل يوم، تحل خلايا جديدة محل الخلايا القديمة أو التالفة التي يتم تدميرها. ويتم التحكم في آليات التدمير والتجديد هذه بواسطة الجينات الموجودة في نواة كل خلية. وقد تُصاب هذه الجينات بالتلف، وقد يكون ذلك بسبب الشيخوخة أو الوراثة أو البيئة أو حتى نمط حياة غير صحي ( استهلاك التبغ والكحول والتعرض لأشعة الشمس..).
عندما تتلف الجينات، تفلت الخلية من السيطرة وتنقسم بشكل غير طبيعي. فتتولد منها خلايا متطابقة، تحمل نفس الطفرات الشاذة.
فتُكون هذه الخلايا كتلة تسمى (الورم).
بعض الأورام تكون حميدة، وعادة ما تنمو ببطء : وبالتالي لاتشكل سرطانات. وهناك أورام أخرى خبيثة وهي ما يسمى بالسرطان.
عندما تكون السرطانات في مرحلة متقدمة، يمكن أن تنتقل إلى الأعضاء الأخرى وتشكل ما يسمى بالانبثاث (metastases) أي سرطانات ثانوية. كلما تم اكتشاف السرطان بشكل أسرع، زادت فرص الشفاء.
لغز السرطان
في اليابان لاحظ الأطباء ظاهرة غريبة. حيث كانوا، غالبا ما يكتشفون خلايا سرطانية في البروستاتا لدى مرضاهم. غير أن 10% فقط منهم من يظهر لديه سرطان بروستاتا (حقيقي).
إنها حقيقة : جميعنا تتكون لدينا، بانتظام، خلايا قد تتحول إلى خلايا سرطانية. لكن لحسن الحظ، يقوم جسمنا بتدميرها أيضا بانتظام! في الواقع، غالبا ما يتم تدمير الأورام الصغيرة بواسطة دفاعات الجسم. وفي بعض الأحيان تختفي هذه الأورام الصغيرة من تلقاء
نفسها !
ولهذا السبب هناك جدل كبير حول ضرورة الفحص المنتظم : لأن من بين السرطانات التي يتم تشخيصها، تختفي العديد منها بشكل طبيعي. ما يعني أنه يتم تعريض غالبية المرضى للخوف وسمية الأدوية دون سبب. لذا فإن السؤال الحقيقي هو، ما الذي يجعل جسمك
يدمر الخلايا السرطانية أو القبل سرطانية (precancerous cells)، بكفاءة عالية، قبل أن تتحول إلى ورم خبيث؟
الجواب هو النشاط البدني أو الرياضة. فالجميع يعرف أن الرياضة والنشاط البدني يساعدان الجسم على تجنب المرض، وعلى المقاومة في حالة الاصابة بالمرض. ولكن هناك شيء أكثر أهمية، وغالبا ما يتم تجاهله من قبل معظم الأطباء. وهو سلاح قوي ضد السرطان ! إنه ببساطة الطعام الذي تتناوله.
الأطعمة التي تسبب السرطان
لحماية نفسك من السرطان، لابد وان تتجنب بعض الأطعمة الغير الصحية مثل :
السكر بجميع أشكاله (السكر الأبيض والفركتوز وحبوب الإفطار والحلويات والكعك
والبسكويت). لأن السكر هو الوقود المغذي للخلايا السرطانية. ومنتجات الألبان لأنها تحتوي على عوامل النمو(IGF-1) التي تحفز نمو الخلايا السرطانية (التأثير
الضار يظهر بشكل خاص في حالة سرطان البروستاتا).
والأطعمة المقلية (الكرواسان والبطاطس المقرمشة،
وما إلى ذلك)، التي تنتج عنها مركبات مسرطنة، بالإضافة إلى تلك الموجودة في الزيوتالمكررة (المليئة بأوميغا 6). ثم الطعام المطبوخ في درجة حرارة عالية، لأن الثأثير المسرطن للحوم المطبوخة أكثر من اللازم يعادل تأثير 800 إلى 1000 سيجارة ! لدا يفضل دائمًا الطبخ
الخفيف، وبالبخار.
ويجب تجنب الأغذية المصنعة المليئة بالمضافات الكيميائية والمواد الحافظة. وإن كان من الممكن الحصول على خضر وفواكه عضوية خالية من المواد الكيميائية، والمبيدات الحشرية يكون أفضل. وإلا وجب غسلها جيدا بالماء وتنشيفها بمنشفة نقية للتخلص ولو جزئيا من هذه المواد الضارة.
ومثلما أن هناك أطعمة تسبب السرطان، هناك أيضا بعض الأطعمة التي تحمي من هذا المرض، وحتى انها تساعد على قتل الخلايا السرطانية !
الأطعمة التي تحمي من السرطان
على رأس القائمة نجد الكركم أحد التوابل الغني عن التعريف، والذي يتميز بمكوناته المضادة للسرطان بفضل غناه بمضادات الأكسدة، التي تحد من آثار الشيخوخة. وكدا خصائصه المضادة للالتهابات والتي تقلل من
خطر الإصابة بأمراض العصر (بما في ذلك مرض الزهايمر)؛ ويعمل الكركم أيضا على التقليل من الطفرات الجينية الضارة، التي غالبا ما ينتج عنها اورام خبيثة.
الخضروات الورقية (البروكلي، القرنبيط، إلخ)، فهي مليئة بالفيتامينات والمعادن التي تقاوم السرطانات (فيتامين ك، السيلينيوم، الكبريت، الكاروتينات). والأهم من ذلك هو احتواءها أيضًا على مواد قيّمة
أخرى، مثل(sulforaphanes) والتي تعطل بعض
المواد المسببة للسرطان.
الثوم والبصل، كلاهما غني بمركبات الكبريت (مضاد للسرطان). ولكن أيضًا بالكرسيتين، وهو أحد مضادات
الأكسدة القوية التي تحمي من الخلايا السرطانية في جميع مراحل تطورها.
زيت الزيتون، وما أدراك ما زيت الزيتون. فالكثير من الدراسات أكدت أن تناول زيت الزيتون بكثرة يرتبط بانخفاض يقدر بـ 59% لجميع أنواع السرطانات ! لكن يجب توخي الحذر عند الطهي به ! حيث لايجب أن تتجاوز الحرارة 180 درجة. بمعنى آخر لا يجب أن يبقى على النار حتى تنبعث منه أدخنة.
الطماطم، وهي غنية جدًا بالليكوبين، وهو جزيء طبيعي دقيق ثمين للغاية، حيث يساعد على الوقاية من سرطان البروستاتا ! وهو يتركز في القشرة بالخصوص، لذلك احرص على اختيار الطماطم العضوية الغير معالجة بالمبيدات.
الرمان، بالاضافة إلى قدرته على حماية الخلايا العصبية من مرض الزهايمر، والتقليل من أمراض القلب والسكتة الدماغية، فهو يتميزأيضا بتأثيرات مضادة للسرطان، وذلك بفضل غناه بمضادات الأكسدة.
الزنجبيل، مثل الكركم، مضاد أكسدة
ومضاد التهابات قوي، بالاضافة إلى فوائد صحية لا حصر لها. ولكن يبدو أن الزنجبيل يتميز أيضا بميزة اخرى فريدة وهي قدرته على منع الأورام من صنع أوعية دموية جديدة
والنمو.
التوت (الفراولة، التوت الأسود،
التوت الأزرق والتوت البري) كلها غنية بمضادات الأكسدة. حتى أن مركبات (الأنثوسيانين) التي تحتوي
عليها تصل إلى حد تسهيل موت الخلايا السرطانية. لكن وجب التذكير أن التوت من
بين الفواكه التي تركز الكثير من المبيدات الحشرية. لذلك احرص على اختيار التوت العضوي الغير معالج بالمبيدات.
الحوامض، يحتوي الليمون وقشر البرتقال المر على
(البيوفلافانويدات) التي لها خصائص مضادة للسرطان. ولكن مع الأسف فالليمون هو أيضًا أحد الأطعمة التي يحتوي على تركيز عال من المبيدات الحشرية. لذلك، احرص على تنظيف قشره جيدا.
الشاي الاخضر، وهومليء بالبوليفينول المهم جدا للصحة. تصور أن كوبًا واحدًا من الشاي الأخضر يوفر العديد من مضادات الأكسدة بمقدار ما يوفره طبق من
الخضروات ! بالطبع، لا يجب إضافة الحليب أو السكر إلى الشاي.
ويجب عليك مرة أخرى اختيار نوعية جيدة وغير معالجة بالمبيدات، لتفادي تراكم المعادن
الثقيلة والمبيدات الحشرية في جسمك !
واخيرا، فالأساس من كل هذا، هو أنه يجب تناول كل هذه الأطعمة معا، بانتظام، قدر الإمكان وبشكل يومي للحصول على فعالية أكبر.