تعود أقدم أشكال الغراء إلى فجر البشرية، عندما اكتشف أسلافنا أنه يمكن استخدام بعض المواد الطبيعية لربط الأشياء ببعضها البعض. كانت عصارة لحاء الأشجار والراتنج وشمع العسل من بين أولى المواد اللاصقة التي استخدمتها الحضارات القديمة. غالبًا ما يتم الحصول على هذه المواد من الطبيعة المحيطة وكانت في الأساس مواد لاصقة عضوية.
كان تطور الكيمياء خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمثابة نقطة تحول في تطور المواد اللاصقة. سمحت التطورات العلمية الأولى بتركيب المواد اللاصقة من مركبات كيميائية محددة. في أوائل القرن التاسع عشر، تم تطوير أول غراء لاصق من العظام، باستخدام بقايا الحيوانات لإنتاج مواد لاصقة أقوى وأطول أمدًا من نظائرها الطبيعية.
شهد القرن التاسع عشر أيضًا ازدهار التصنيع، مما أدى إلى زيادة الطلب على مواد لاصقة أكثر موثوقية وعالية الأداء. أدى ذلك إلى ابتكار مواد لاصقة جديدة مكونة من المطاط والبلاستيك، مما جعل من الممكن إصلاح مجموعة واسعة من المواد، بما في ذلك المعادن والزجاج والبلاستيك نفسه. استفادت صناعة الأثاث والتعبئة والتغليف والبناء بشكل كبير من هذه التطورات.
خلال القرن العشرين، ازدهر البحث والتطوير في مجال المواد اللاصقة بشكل كبير. اكتشف العلماء بوليمرات جديدة وطوروا صيغ كيميائية معقدة لصنع مواد لاصقة قادرة على تحمل الظروف القاسية مثل الحرارة والرطوبة والضغط الميكانيكي. أحدث إدخال المواد اللاصقة cyanoacrylate، والمعروفة باسم "superglue"، ثورة في مواد الغراء.
لقد تم اكتشاف في الآونة الأخيرة، في الطبيعة، بكتيريا تسمى Caulobacter crescentus وهي تلتصق بالأجسام الصلبة، مثل الغراء الطبيعي. وشدة التصاقها أقوى بكثير بـ 3 مرات من أي غراء. وكان التحدي يكمن في إنتاج كميات كبيرة من هذا الغراء البكتيري، دون أن يلتصق بالمواد التي ستسخدم معه. لكن لم يتمكن العلم من النجاح في ذلك بعد.
لماذا لايلتصق الغراء داخل علبته ؟
في الواقع، في الغراء العادي، يتم تخفيف المادة
اللاصقة في سائل له خاصية مذيبة. وغالبا ما تكون هذه المادة الماء أو الكحول. وكي يلتصق الغراء، يجب أن
تختفي هذه المواد المذيبة، وهذا يحصل من خلال التبخر عند اتصال الغراء مع الهواء. وطالما يظل الغراء في الأنبوب،
فإنه لا يلتصق نظرًا لعدم توفر الهواء. لذلك يبقى الغراء في حالته السائلة داخل الأنبوب الى حين خروجه منه.
لكن الامر مختلف في الغراء من النوع القوي (superglue) وهو غراء مكون من مادة .Cyanoacrylateوهذا الغراء لا يتم تخفيفه في الماء أو الكحول، لذلك لا يحتاج إلى الهواء لكي يلتصق. بل على
العكس من ذلك، فالأكسجين يسمح بتقليل تماسك الذرات. وهذا هو السبب في أن أنابيب هذا النوع من الغراء لاتكون ممتلئة عن آخرها. فهناك دائما جزء فارغ يسمح بتواجد القليل من الهواء. وما يجعل هذا الغراء يلتصق هو الماء. وبالتالي، فإن هذه الأنابيب تكون محكمة الغلق لتجنب الاتصال مع الرطوبة وليس الهواء.
وبمجرد خروج الغراء من الأنبوب، تبدأ الدرات المكونة للغراء، من خلال
ملامسة أيونات الهيدروكسيد، بالتماسك. أي بمجرد الاتصال بالرطوبة يبدأ الغراء في الالتصاق. وهذا هو السبب في أن
الغراء يلتصق بقوة بالجلد، لأن هذا الأخير يحتوي دائمًا على رطوبة. ولقد تم، خلال حرب فيتنام، استخدامه من بعض أطباء الجيش الأمريكي لإغلاق الجروح الطفيفة.