ماذا يحدث في الجسم بعد احتساء الكحول ؟

يؤثر الكحول على الجسم بشكل سلبي عند الإفراط في تناوله، حيث يؤدي إلى تلف الكبد، ضعف وظائف الدماغ، وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. كما يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي ويضعف جهاز المناعة. يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق. التوقف عن تناول الكحول يحسن صحة الجسم ويقلل من هذه المخاطر.


قلة قليلة من الناس يعرفون حقًا ما يحدث، من الناحية البيولوجية، عندما يدخل الكحول إلى الجسم. لذا أقترح في هذا المقال أن نستكشف معًا ما يجري في الجسم عند احتساء الكحول.


في الواقع، عندما نشعر بالإجهاد أو قليلاً من التوتر، تقوم، مستقبلات معينة على الخلايا العصبية، بالتوسع بما يكفي للسماح لعدد قليل من جزيئات الكلور بالدخول إلى الخلايا العصبية، لأن الكلور يهدئ نشاط الخلايا العصبية. وعندما يشرب المرء الكحول، يقوم جزيء الإيثانول، الموجود في الكحول، بالالتصاق على مستوى المستقبلات نفسها، ما يجعلها تتوسع بشكل كبير وبالتالي دخول كمية كبيرة من الكلور إلى الخلايا العصبية، ما يؤدي إلى السكر أو الثمالة.


إضافة إلى هذا، يشوش الكحول الرسائل العصبية التي ترسلها الأذن الداخلية إلى الدماغ. لأن في الأذن الداخلية يوجد سائل يجعل الدماغ يعرف وضعية الجسم ومتى يكون في حالة توازن. والكحول يوهم الدماغ بأن السائل يتمايل فيعطي الدماغ الأمر بالجسم بتسوية وضعيته وهذا ما يفسر حدوث الترنح لدى السكارى.


عندما يدرك الجسم بأن هناك خطبا ما، سيحاول التخلص من الكحول. وهنا يأتي دورالكبد. هذا الأخير سيقوم بتحويل جزيء الإيثانول إلى جزيء آخر يسمى الإيثانال. لكن المشكلة أن الإيثانال أكثر سمية من الإيثانول، لذلك سيحاول الكبد استقلاب هذا الجزيء وتحويله إلى حمض الأسيتيك الغير الضار(acetic acid). ولكن عندما يكون هناك افراط في شرب الكحول، يعجز الكبد عن أداء الخطوة الثالثة الأكثر أهمية وهي تحويل الإيثانال السام إلى حمض الأسيتيك الأقل سمية. وبالتالي يغزو الإيثانال كل أعضاء الجسم. ولإنقاد الموقف يلجأ الجسم إلى لعب ورقته الأخيرة وهي التقيأ. لهذا نلاحظ أن الأشخاص الذين يفرطون في احتساء الكحول يبدأون، في لحظة ما، بالتقيء.


كم من الوقت يلزم الجسم للتخلص من الكحول ؟

في الواقع، بمجرد تناول كأس من الكحول، يستغرق وقت بقاء الكحول في الدم 30 دقيقة كحد أقصى في حالة الصيام وساعة واحدة مع الأكل. بعد 4 كؤوس من الخمر، سيصل مستوى الكحول في الدم إلى معدل أقصى يقدر بـ 0.7 غرام / لتر، لذلك سوف يلزم ساعتين في المتوسط (بالنسبة لرجل سليم يبلغ وزنه 70 كغ) للعودة لمعدل أقل من 0.5 غرام في اللتر. ما يعني أن المرء، على الأقل، يحتاج إلى ساعتين ونصف، بعد آخر كأس يشربها، في حالة صيام و3 ساعات مع الأكل. أما بالنسبة للمرأة فسيكون التخلص من الكحول أبطأ قليلاً بنصف ساعة إضافية.

لماذا يسبب الكحول زيادة الوزن أو السمنة ؟

بالإضافة إلى خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان والتقليل من القدرة على الانتباه واليقظة. يقوم الكحول أيضًا بالتسبب في الزيادة في الوزن أو ما يعرف بالسمنة.


كمية عالية من السعرات الحرارية

إذا كان الكحول يتسبب في الزيادة في الوزن، فهذا لأنه يحتوي على سعرات حرارية عالية. في الواقع، يوفر كأس سعته 12 سنتيلتر 70 سعرة حرارية للجسم. من جانبه، يوفر كأس ويسكي ما يصل إلى 380 سعرة حرارية (السعرة الحرارية هي مقياس يستخدم في علم التغذية لقياس القيمة الطاقية للأغذية).


يُعزى هذا الكم الكبير من السعرات الحرارية، بشكل خاص، إلى وجود الكربوهيدرات في الكحول. لكن المشكلة، مع ذلك، هي أن هذه السعرات الحرارية هي سعرات حرارية فارغة. بمعنى آخر، لا توفر أي عناصر غذائية للجسم.


أسباب أخرى

في الواقع، هناك أسباب أخرى وراء إكتساب الوزن هذا، والتي تبقى مرتبطة باستهلاك الكحول. حيث، كما رأينا، أن الكبد هو الذي يتولى مهمة التخلص من الكحول. حيث يقوم بتحويل هذا الأخير إلى منتج خامل، من خلال تفاعلات التمثيل الغذائي والتي تنتج عنها أحماض دهنية.


يركز الجسم على التخلص من الكحول، الذي يُنظر إليه على أنه مادة سامة. وبسبب انهماكه في هذه العملية، يتم إهمال حرق الدهون إلى حد ما. وهكذا، فإن استهلاك الكحول يعزز، في كلا الحالتين، تكوين الترسبات الدهنية في الجسم.


أخيرًا، يتسبب الكحول في تشويش شعور الشبع. بعبارة أخرى، فإن تناول وجبة مع احتساء بضعة أكواب من الكحول يزيد من الشعور بالجوع الذي كان سيقل لو كان الشراب ماءً.


قد يعتقد البعض، بالنظر إلى السعرات الحرارية التي يوفرها الكحول، أن هذا الأخير، على العكس، قد يعزز الشعور بالشبع. في الواقع، هذا التأثير المتناقض للكحول راجع بشكل أساسي من خلال تأثيره على منطقة ما تحت المهاد، وهي غدة مسؤولة عن تنظيم الشهية.


لماذا يدفع الكحول الى العدوانية ؟

يمكن للكحول، حتى لو تم احتساءه بكميات معتدلة، تغيير سلوك الشخص. في الواقع، بعد شرب أو احتساء الكحول، يصبح بعض الناس غير مراعين للخطوط الحمراء أو يستسلمون للحزن. لكن آخرين يصبحون عدوانيين. لقد تم تسليط الضوء على هذا التأثير الأخير للكحول من خلال دراسة علمية حديثة.


الكحول يغير الحالة المزاجية

أراد باحثون أستراليون التحقق من الآثار المحتملة للكحول على الحالة المزاجية. هل الكحول يجعل محتسيه عدوانيا ؟ لفهم الأمر، أجروا تجربة.


خلال هذه التجربة قاموا باختيار مجموعة من المتطوعين شباب في حالة بدنية جيدة. ثم قاموا بفصلهم إلى مجموعتين. طُلب من المجموعة الأولى تناول مشروب يحتوي على الفودكا، بينما كان على المجموعة الثانية تناول مشروب غير كحولي.


ثم تم فحص المشاركين بآلات التصوير الطبي. حيث طُلب منهم، أثناء ذلك، القيام بمهام لقياس عدوانية محتملة.


العلاقة بين الكحول والعدوانية

سمحت هذه التجربة للباحثين بدراسة أداء أدمغة المتطوعين الذين شربوا الكحول وكانوا عدوانيين.


لاحظ العلماء، عند هؤلاء، أن قشرة الفص الجبهي لديهم لا تتفاعل بنفس الطريقة التي تتفاعل بها لدى الأشخاص الذين لم يشربوا الكحول. ولاحظ العلماء، أيضا، لدى المتطوعين الذين تناولوا الكحول، انخفاضًا في النشاط العصبي لقشرة الفص الجبهي.


 تلعب هذه المنطقة من الدماغ (قشرة الفص الجبهي) دورًا أساسيًا في تنظيم العواطف. وبالتالي فإن قشرة الفص الجبهي لها تأثير كبير في كبح السلوك العدواني.


لقد ظهر السلوك العدواني لدى المتطوعين المعنيين بعد تناولهم كأسين من الكحول فقط. لذلك بدا واضحًا أن استهلاك الكحول، حتى لو باعتدال، يمكن أن يسبب السلوك العدواني.