إن معظم الخلايا تتشابه في طرق عملها. فالخلايا لها مهمة رئيسية خلقت من أجلها، وهي إنتاج البروتينات. وهي جزيئات معقدة تستخدم كوحدات بناء للخلية، وكرسائل تنظم عمليات التعاون بين الخلايا، وكمنشطات للتفاعلات الكيميائية.
وتتكون معظم الخلايا من نفس الأعضاء أو الأجهزة. فالخلايا لها جلد يسمى غشاء الخلية. ولها هيكل داخلي، كما تحتوي على مصانع لإنتاج البروتينات تسمى بالريبوسومات، ومحطات توليد طاقة تسمى بـالميتوكوندريا، وجهاز مركزي يسمى بالنواة، وهي الموقع الذي تختزن فيه جميع الخطط والمعلومات التي تحدد للخلية ماذا تفعل في كل شؤونها.
ونطلق على هذه الخطط اسم الجينات، وهي وصفات تفصيلية لإنتاج البروتينات. ويحتوي الجسم على 100 ألف نوع من البروتينات المختلفة تؤدي 100 ألف وظيفة مختلفة.
يتولى غشاء الخلية حماية الخلية من العالم الخارجي. فهو لا يسمج إلا بمرور الأشياء المفيدة مثل المواد الغذائية والرسائل التي تأتى من خلايا أخرى. ويرجع الفضل في هذا إلى أنواع متخصصة من البروتينات المتمركزة في غشاء الخلية. والتي تعمل كحراس أمن. إذ تسمح بالمرور للمواد التي تتوافق في شكلها مع شكل سطح هذه البروتينات، كما يتوافق المفتاح مع القفل. وعلى هذا الأساس، تلتصق الخلايا مع جيرانها من الخلايا بواسطة بروتينات على السطح، وينتج عن التصاق الخلايا أنسجة متماسكة متينة. مثل أنسجة الجلد والعضلات والأنسجة المخاطية.
دور الجينات في الأمراض
هل منا من لم يجرح جلده من قبل ؟ بالطبع لا. فكل واحد منا له تجاربه مع الجروح.
فالجرح، بغض النظر عن الألم، يسيل منه الدم لفترة قصيرة ثم يتوقف بعدها ويتجلط
ليكون قشرة، وبذلك فالدم هو الذي يضمد الجرح. وهذه هي احدى الخواص العجيبة للدم،
إنه يتحول من سائل إلى كتلة جامدة في الوقت المناسب والمكان المناسب.
لسوء الحظ هناك بعض الناس ممن لا تتجلط دماءهم.
فهؤلاء هم المصابون بسيولة الدم أو ما يعرف بالهيموفيليا. إنه من الواضح أن مرضى
الهيموفيليا ينقصهم شيء مهم، وهو بروتين يتحكم في عملية تجلط الدم. والسبب في
اختفاء هذا البروتين هو حدوث تغيرات بسيطة جدا في أحد الجينات. ولهذا فإن علماء الوراثة يبحثون دائما عن طرق
تساعد على الشفاء من مرض سيولة الدم والأمراض الأخرى التي تسببها الجينات الغير
السليمة.
السر في الجينات
الجينات هي إحدى معجزات الخلق العظيم التي حيرت
ومازالت تحير العلماء. فلقد أودع الخالق عزوجل في الجينات قدرات وأسرار تجعلها
المسئولة عن تحديد مظاهر الحياة. فالجينات تحتوي على جميع المعلومات والخطط
الوراثية اللازمة لتكوين جميع الكائنات الحية.
الجينات خيوط صغيرة ورفيعة جدا موجودة في جميع
خلايا الجسم. والجينات السليمة تأمر الخلايا بأن تصنع بروتينات معينة تساعد في
القيام بعملية حيوية في الجسم. ولكن الجينات غير السليمة (المعطوبة) لا تفعل ذلك.
لقد اكتشف العلماء أن الجينات الموجودة في جميع
الكائنات الحية (مثل البشر والكلاب والجزر وحتى البكتريا)، تتبع الأسلوب نفسه في
أداء وظائفها. ولهذا فإن خبراء الجينات يستطيعون أن يقصوا الجينات من كائنات حية
(مثل الحيوانات والنباتات) ويلصقونها بكائنات حية أخرى (مثل البكتيريا). فهل
تصدقون أنهم يتعاملون مع أشياء يقل طولها عن واحد على المليون من المتر، فيستطيعون
مثلا لصق جينات من الإنسان بالبكتريا أو نبات التبغ مثلا حتى تنتج أدوية لعلاج الأمراض المستعصية.
الجينات والطفرات
الطفرة هي تغير في الحمض النووي (DNA). هذا التغير يمكن أن يحدث في تسلسل الجينات (إضافة ، حذف أو استبدال قاعدة واحدة أو أكثر) أو في عدد الكروموسومات.
يمكن أن تحدث الطفرات بسبب البيئة (استهلاك التبغ أو التعرض للشمس على سبيل المثال)، ولكنها يمكن أن تظهر أيضًا بشكل عشوائي تمامًا وبدون سبب معروف في الوقت الذي تقوم فيه الخلية بنسخ حمضها النووي قبل الانقسام.
تختلف نتائج الطفرات وفقًا لطبيعتها أو عدد التسلسلات المعنية أو القواعد المتأثرة. وتُعتبر بعض هذه الطفرات صامتة لأنها ليست لها عواقب. الأمر تماما كما لو أن أحدهم إستبدل الجملة (دخل وفي يده هدية) بـ (دخل وفي يده الهدية). إضافة حرف لا يغير الشيء الكثير. ولكن هناك طفرات أخرى يمكن أن تغير تماما معنى الجملة. على سبيل المثال (دخل وفي يده هدية) تُصبح (دخل وفي يده معزة). هذه الطفرات تُسمى غير صامتة، وقد تؤدي إلى ظهور اضطرابات مثل التثلث الصبغي 21 (حيث يزداد عدد الكروموسومات من 46 إلى 47) أو إلى تطور الأورام (تغير في الجينات" الكابحة للأورارم " والتي تضمن السيطرة على انقسام الخلايا) .