الكهرباء ليست اختراعًا بشريًا بحتًا، بل هي ظاهرة طبيعية كانت موجودة دائمًا في الطبيعة. يمكن رؤية هذا بوضوح في الظواهر الطبيعية مثل البرق أو من خلال بعض الكائنات الحية، مثل الأسماك الكهربائية التي تنتج تيارًا كهربائيًا قويًا. إذن، الحديث عن اختراع الكهرباء ليس دقيقًا، بل يجب التركيز على اكتشافها وتطويرها على مر العصور.
البداية : الكهرباء في الطبيعة القديمة
في العصور القديمة، كان الإنسان يلاحظ بعض الظواهر المتعلقة بالكهرباء دون أن يفهم أسبابها. على سبيل المثال، كانت الأسماك الكهربائية تستخدم كعلاج بدائي للمرضى الذين يعانون من الصداع النصفي، ولكن لم يكن أحد يعرف لماذا كان هذا العلاج فعالًا.
الفيلسوف الإغريقي "تاليس ميليتوس" كان من أوائل العلماء الذين لاحظوا خصائص كهربائية بسيطة، مثل جذب الكهرمان (العنبر) للأجسام الصغيرة عند فركه. ومع ذلك، استمرت هذه الظواهر في كونها غامضة لعدة قرون.
الفيزياء والتطورات العلمية
لم يتم فهم المبادئ الأساسية للكهرباء إلا بعد مرور أكثر من 2000 عام. في القرن الثامن عشر، اكتشف الفيزيائي الفرنسي "تشارلز أوغست كولوم" العلاقة بين الشحنات الكهربائية، وهو ما ساهم في بناء الأسس العلمية للكهرباء. كانت هذه المرحلة محورية لفهم كيف تتفاعل الأجسام المشحونة كهربائيًا مع بعضها البعض، مما أدى إلى وضع النظريات التي ستمهد الطريق للعلماء في المستقبل.
اختراع البطارية : البداية الحقيقية لتوليد الكهرباء
في عام 1800، قام الفيزيائي الإيطالي "أليساندرو فولتا" بتطوير أول بطارية كهربائية، وهي ما تعتبر أول جهاز قادر على إنتاج الكهرباء بشكل مستمر. هذا الاختراع غير قواعد اللعبة، حيث أصبح من الممكن إنتاج الكهرباء واستخدامها بشكل عملي لأول مرة. وبالتالي، يمكن اعتبار هذا الحدث بداية استخدام الكهرباء بطريقة مُنظمة وموجهة لخدمة البشرية.
توماس إديسون وثورة المصباح الكهربائي
لم يكن انتشار الكهرباء في المنازل والمؤسسات أمرًا سهلًا، فقد تطلب الأمر عبقرية العديد من العلماء، من بينهم توماس إديسون. في عام 1879، نجح إديسون في اختراع أول مصباح كهربائي فعال، والذي اعتمد على التيار الكهربائي لإنتاج الضوء. لكن إديسون لم يكتفِ بذلك؛ فقد بادر إلى بناء أول محطة لتوليد الطاقة الكهربائية، مما مهد الطريق لانتشار الكهرباء في المنازل والمصانع.
الكهرباء: العنصر الحيوي في حياتنا اليوم
اليوم، الكهرباء أصبحت عنصرًا أساسيًا في حياتنا اليومية. من المصابيح إلى الأجهزة الإلكترونية، يعتمد العالم بأسره على الكهرباء. بدونها، تتوقف الحياة كما نعرفها، وتتعطل معظم الأنشطة البشرية. لقد أصبحت الكهرباء جزءًا لا يتجزأ من تطور المجتمعات والاقتصادات.
باختصار، الكهرباء هي نتاج تطور علمي طويل بدأ منذ آلاف السنين باكتشافات بسيطة، وانتهى بابتكارات غيّرت وجه العالم. سواء كان في الطبيعة أو من خلال الأجهزة التي نستخدمها اليوم، تبقى الكهرباء رمزًا للتقدم التكنولوجي الذي يواصل تحسين حياتنا.
على الهامش :
كهرباء من قطرات المطر !
باث من المعروف منذ زمن طويل أن الماء، من خلال تحريك التوربينات في محطات الطاقة الكهرومائية، يولد الطاقة الكهربائية. وعلى نفس المبدأ، المبني على الطاقة الحركية، سعى باحثون لاستغلال إمكانات كل قطرة من قطرات المطر لتوليد الطاقة الكهربائية. لذلك قاموا بتصميم جهاز مكون من مولد الذي يتكون بدوره من مادة موصلة وأقطاب من الألمنيوم والتفلون.
إن مجرد سقوط قطرة المطر من ارتفاع كبير، يجعلها قادرة على توفير الكهرباء لـ 100 مصباح صغير من نوع (led). لكن في الوقت الحالي، لا يزال هذا الجهاز في مرحلة التجربة.
أجهزة أخرى
لقد حاول مهندسون ابتكار أجهزة أخرى لتوليد الكهرباء من المطر. أحد هده الأجهزة من ابتكار التلميذة الأذربيجانية الموهوبة (Reyhan Jamalova). ويتكون اختراعها المسمى بـ (Rainenergy)، من جهاز لتجميع مياه الأمطار وخزان لتخزينها ومولد وبطارية. بعد ملء الخزان، تمر مياه الأمطار بسرعة عبر المولد الكهربائي وتبقى مخزنة في البطارية، مما يجعل من الممكن إنتاج الكهرباء حتى لو لم تمطر.
وقد أثارت هذه النماذج الأولية التي تم إنشاءها انطلاقا من هذا الاختراع، العديد من البلدان التي تتهاطل فيها أمطارغزيرة، مثل الهند والفلبين. وفي المقابل، طور طلاب مكسيكيون، أيضا، نظامًا لتشغيل توربينات صغيرة بواسطة مياه الأمطار. حيث يتم تجميع مياه الأمطار من على الأسطح وتوجيهها إلى خزانات، ثم إلى التوربينات التي، تدور تحت قوة الماء، وبالتالي تولد الكهرباء. يشبه هذا النظام، من حيث المبدأ، نظام محطات الطاقة الكهرومائية. وهذا النظام قادر على شحن بطاريات لتوليد جزء من الإضاءة الحضرية في أحياء معينة من مكسيكو سيتي.