أقدم باحثون صينيون على اكتشاف مهم لعلاج الاكتئاب. حيث وجدوا أن الأسبرين والإيبوبروفين أكثر فعالية من مضادات الاكتئاب. وقد تم تداول الخبرعلى نطاق واسع بواسطة مواقع الويب المتخصصة في الأخبار الصحية.
الاكتئاب هو مرض معقد متعدد العوامل وآلياته لا تزال غير واضحة وحوالي 30 ٪ من المرضى لايستجيبون للعلاج. في الواقع هذا الاكتشاف ليس دراسة جديدة، إنه فقط "تحليل تلوي" (meta-analysis). لم يجري الباحثون الصينيون تجارب جديدة، لكنهم
قاموا "بمراجعة الأدبيات العلمية الحالية". ويؤكد تحليلهم التلوي على ما قدمته الدراسات
السابقة : يبدو أن استخدام العقاقير المضادة للالتهابات له تأثير مضاد للاكتئاب،
من خلال تحسين أعراض أمراض الاكتئاب، وذلك أساسًا عند تناولها مع مضادات الاكتئاب.
فرضية وجود صلة بين الاكتئاب والتهاب الدماغ (
رد فعل طبيعي للجهاز المناعي في حالة الإصابة بمرض مثل الأنفلونزا، أو حتى التهاب
السحايا ) أثارت جدلا في المجتمع العلمي لسنوات. وقد أثير الأمر للمرة الأولى من خلال التجارب الرائدة
لعالم الأحياء العصبي (روبرت دانتزر) على الفئران. حيث أوضح ان الاكتئاب يتميز بوجود مجموعة
من الأعراض، بما في ذلك التعب وفقدان الشهية وعدم الرغبة في المتعة والتباطؤ
الحركي النفسي، وما إلى ذلك. وقد وُجد أن هذه
الأعراض تحدث أيضًا أثناء حدوث التهاب. وقد أطلق على هذه الحالة بـ "سلوك
المرض"، وهي استجابة طبيعية للجسم تجاه عدوى ما، حيث تكون مصحوبة بفتور في الهمة والانطواء.
عندما يصاب شحص ما بالأنفلونزا أو
ما شابه، يفقد نشاطه، وتفتر رغبته، حتى قبل أن يصاب بالحمى. وعندما ندرس الاكتئاب، نرى أن هناك أعراضا مشابهة.
في دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب النفسي، وجد باحثون في معهد (King's College London) أن الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب لديهم مستويات عالية من بروتين (CRP) في الدم، وهو إحدى العلامات على وجود إلتهاب. وكما أشرنا الى ذلك، فالإلتهاب هو رد فعل دفاعي لجسم
الإنسان في حالة عدوان داخلي (الخلايا السرطانية على سبيل المثال) أو خارجي (العدوى من الفيروسات، البكتيريا وما شابه..).
الجدل لايزال قائما
يعتقد علماء آخرون، مع ذلك، أنه بسب عدم كفاية الأدلة، من
السابق لأوانه التفكير في بدء بروتوكولات علاجية بالعقاقير المضادة للالتهابات.
مضادات الالتهاب تستهلك بشكل كبير جدا في عصرنا، ولكن بجرعة منخفضة ودقيقة. والاكتئاب يستمر لأسابيع ويتطلب تدخلات
دوائية هامة. لذلك فالمريض سوف يضطر إلى تناول "جرعة فعالة" من مضادة الالتهابات كل يوم. والمشكلة أن هذه الأدوية خطيرة جدا على المعدة، وبعضها يمكن أن يسبب القرحة وحتى النزيف.